تولين بنت موسى الثقفي
في ظل ما نشاهده ونسمعه من توجهات بيئية وحملات للتشجير تترأسها جهات حكومية عدة لتجعل من بلادنا جنة خضراء تزهو بأعيننا وتغذي بصرنا بجماليات هذه الأرض الطاهرة التي أراقب كنوز خيراتها، وكتبت مقالي لأشارك أبناء الوطن هذه الحملة الوطنية للتشجير ورسمت كل معالم الجمال التي اقتبستها من طبيعة مكاني الملهمة في ثقيف الخير.
في البداية لابد من أن يكون لكل كاتب أو شاعر مُلهم يحرك مشاعره للنثر والنظم، فماذا لو كان الملهم لهم هي الطبيعة، فلقد أنعم الله علينا بالطبيعة وألوانها الناطقة في الشجر والزهر والورد؛ لتكون متنفسًا للإنسان من كل ضيق، دائماً ما أطّل من نافذة غرفتي لأرى الجمال منها وأبدأ بكتابة خاطرة أو مقال جميل، مع صوت المطر وقطراته التي تتراقص في أُذناي وكأنها موسيقى هادئة تبحر بي في فنون الكتابة بكل حُب وشغف، وقد تتسلل أحياناً أشعة الشمس الذهبية لتنير غرفتي وروحي، تلك الأرض الخضراء الجميلة التي خلقها الله ليشرح بها خاطرنا من كل همّ، جمال الطبيعة مع زرقة السماء الصافية وصوت شقشقة العصافير وتغاريدها وهي تتراقص بين الأزهار والثمار، تجعل الإنسان ينسى كل شيء ويستمتع بجمالها فقط، فهي تمثل الراحة والطمأنينة التامة، يعيش بين فصول السنة الأربعة قصة جمالها لتمر في كل فصل بجمال منفرد، فيعيش بالشتاء الأجواء الهادئة مع صوت المطر والعواصف والغيوم التي تلامس رؤوس الجبال، وفي المساء تجتمع العائلة عند الموقد لتأكل الفاكهة الشهيرة في فصل الشتاء وهي الكستناء وتكثر الحكايات والقصص. أما في الصيف فتكون في كامل زينتها فهو فصل الحياة والألوان الزاهية، فصل عودة المغتربين لبلادهم فتتعالى فيه الضحكات لوقت متأخر من الليل برفقة العائلة ومن نحب. والربيع أيقونة الجمال فصل البهجة وهو أكثر الفصول إلهاماً، يكون اللون الأخضر فيه سيد الألوان تظهر الأزهار بكامل جمالها وتكون الأرض بحُلّتها الجديدة والجميلة والطيور لها صديقة، يقول الشاعر أحمد شوقي في وصف جمال وروعة الربيع:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً
من الحسن حتى كاد أن يتكلما
والخريف يكون دائماً متفرد بأوراق الشجر الصفراء الخلابة فتكتسي الأرض لونها الذهبي الفاتن، وتظل الطبيعة دائماً ذلك الأمان الساكن الذي يهرب له كل حزين وسعيد، فالحزين وسطها تعود السعادة والروح لقلبه والسعيد تزيده من جمال روحها ونقائها، وقد حثنا ديننا على أهمية الطبيعة في حياتنا قال تعالى: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} (سورة الحج آية 5)، وبلادنا مقبلة على موسم خير من سقوط الأمطار والخيرات وتبني هذه الحملات للتشجير وصناعة بيئية تحولية بأيدٍ وطنية حتما سيثمر بنجاح تجربتنا لتكون السعودية العظمى كعادتها متفردة في كل مجالات الحياة. هيا لنأخذ بوصية رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها) لتمضي بنا وبكم أيها الأبناء والأجيال والأجداد مسيرة العمل في الحث على الزراعة والغراس والسعي للنفع بلا تحاسد ونفاق، فهذه بلادنا تمضي بنا نحو المجد والعلياء وجعلت من رأيتها الخضراء شعارًا يحيي بداخلنا صور الجمال الطبيعي.