د.م.علي بن محمد القحطاني
إن ما حدث من ازدحام وتجاوز للاحترازات الوقائية في اليوم الوطني مقلقٌ ومؤسف جدًّا؛ فالوباء لا يزال موجودًا بقوة؛ والتساهل والتهاون يمكن أن يعيد زيادته وتسارعه - لا سمح الله -. حافظوا على صحتكم وسلامتكم وحياتكم وحياة مَن تحبون. نأمل منكم التعاون. بهذه العبارات ناشد المتحدث الرسمي لوزارة الصحة.
متناسين مشاعر النفس البشرية والسلوك الإنساني، وأن الشخصية الإنسانية والمجتمع الإنساني يتكونان من التأثيرات المتبادلة بين هذه الطبيعة البشرية والبيئة الاجتماعية والمحيط الطبيعي.. ففي اليوم الوطني الكل يود الاحتفال بهذه المناسبة، والتعبير عما يكنه من حب للوطن، ومدى فرحه بيوم الوطن.. ومن فرط الفرحة قد لا يحسب حسابًا لما قد يسببه من آثار سلبية صحي ونحن نعيش زمن كورونا؛ فالوباء لا يزال موجودًا بقوة، وكنا في الأسابيع القليلة الماضية نسجل تحسنًا ملموسًا في السيطرة عليه؛ فأعداد الإصابات اليومية بدأت تنخفض بمعدلات غير مسبوقة، ونسبة التعافي تجاوزت 94 %، والحالات الحرجة في انخفاض.
ومن المتوقع حدوث بعض التجاوزات. وقد أشرت في مقالي الذي نُشر في يوم الوطن «من أعظم مظاهر حبنا للوطن المحافظة على مكتسباته التي حققناها في جميع المجالات، والمراحل المتقدمة التي وصلنا إليها في التصدي للجائحة. ومن حق الوطن علينا ألا تنسينا الأفراح المستحقة التمسك بالسلوكيات الصحية والإجراءات الاحترازية، منها: الحرص على التباعد الاجتماعي بجدية تامة، ومنع التجمعات، والابتعاد عن الأماكن المزدحمة والمغلقة.. إلخ لرفع القدرة الطبية والتدابير الصحية. ولا بد من الاستمرار في التعامل معه بجدية وحذر.. وليكن نهجنا الاحتفال بحذر».
وها هو معالي وزير الصحة يؤكد أن الالتزام سلاح المواطنين والمقيمين لوقف انتشار فيروس كورونا، وأن بعض المشاهد المؤسفة لا تعبّر عن الوعي. «لا تسمحوا للوباء بالانتشار. نريد مساعدتكم واهتمامكم».
وكان من المفترض الحد من بعض الأنشطة، وعلى سبيل المثال لا الحصر: الاحتفال بيوم الوطن في المولات والمطاعم التي اعترتها الفوضى، واتسمت بالعشوائية، ولم تكن في مجملها تليق بهذه المناسبة العظيمة (يوم الوطن المجيد).
والمؤسف أن نصف الحالات في المملكة مرتبطة بعدم التزام فئة الشباب بالإجراءات الوقائية؛ وهو ما تسبب في إصابة مَن حولهم. فمن الواجب علينا الالتفات لهذه الفئة التي تمثل الشريحة الأكبر من عدد السكان، والاهتمام بهم، ومخاطبتهم بما يفهمون؛ فهم إحدى الدرر المهمة في منظومة مواجهة كورونا.. ومن حقهم إبداء مشاعر الفرح بحذر، ومن حق الوطن عليهم إظهار تلك المشاعر برُقيّ يليق بالمواطن السعودي.
وقد قرأنا ولاحظنا استعانة بعض الدول بالطائرات المسيّرة (الدرون) لفرض الإجراءات الوقائية، ومساعدة رجال الأمن في ذلك. وفرنسا مثال حي على ذلك. وما لمسناها في بعض مدننا عند رفع الحظر أو التخفيف منه، والأعياد وموسم الصيف، كانت كفيلة بالاستفادة من دروسها، وتعظيم الفائدة منها، وتجنب سلبياتها، وكأني بالفيروس يتربص بنا، ولسان حاله يقول: إن عدتم عدنا. وكل هذه لا تتعارض مع مظاهر الفرح التي عمت مدن وقرى المملكة، وافتخار الشعب بهذا الوطن المعطاء الذي سخر له البارئ هذه الحكومة الرشيدة، وما حققته من نجاحات في المجالات كافة، منها الجهود والمبادرات التي قدمتها ببذلها الغالي والنفيس من أجل شعبها الوفي.
** **
- مستشار وخبير إدارة كوارث وأزمات