عمرو أبوالعطا
يبدو أن الوضع غامض في الصراع بين أرمينيا وأذربيجان، الغموض هنا فيمن قام بالتصعيد، هل أرمينيا من قامت باستفزاز أذربيجان، أم أذربيجان من قامت بالهجوم علي أرمينيا أولاً، ولكن نحن على علم جيداً عن سبب الصراع وهي السيطرة علي منطقة ناغورني قره باغ الجبلية، وهذه المنطقة تسيطر عليها أرمينيا، وتقع داخل الأراضي الأذربيجانية، وترتبط بأرمينيا عبر طريق سريع باهظ التكلفة. وهي منطقة تم عسكرتها إلى حد كبير، وقواتها مدعومة من أرمينيا، التي لديها تحالف أمني مع روسيا, تبلغ مساحة المنطقة الواقعة في جبال القوقاز حوالي 4400 كيلومتر مربع وتبعد 50 كيلومترًا من الحدود الأرمينية. كما يحتل جنود مدعومون من أرمينيا بعض الأراضي الآذرية خارج المنطقة.
وتقول أذربيجان منذ وقت طويل إنها ستعيد السيطرة على الأراضي المعترف بها دولياً بوصفها أذربيجانية.
الشر التركي يقود دوراً فاعلاً في الصراع التاريخي بين الطرفين، والممتد منذ 3 عقود، ولا يتردد أردوغان في سكب الزيت على النار، أردوغان لا يتردد لحظة في إشعال الفتنة بين الطرفين وحديث لا يخلو من الشر ولغة التهديد والوعيد في صراع أودى بحياة أكثر من 30 ألف شخص حتى الآن.
ومبدئياً، يحدد إطاران قانونيان شكل التعاون الدفاعي الثنائي بين تركيا وأذربيجان. الأول، وهو الذي أُنشئ في أوائل التسعينيات، يمكّن التدريب العسكري لأفراد أذربيجانيين في المؤسسات العسكرية التركية. أما الإطار الثاني، فهو اتفاق «الشراكة الاستراتيجية» الذي وقّع في عام 2010، والذي ينص صراحة على أن البلدين سيساعدان بعضهما البعض إذا طالب أحدهما بحقه في الدفاع عن النفس. وعلى الرغم من أن طبيعة هذه «المساعدة» خاضعة لمشاورات ثنائية، إلا أن الاتفاق يؤكد بوضوح إمكانية استخدام الوسائل العسكرية في الظروف الطارئة.
ورغم المؤشرات بأنّ تركيا تؤجج الصراع بالمرتزقة والسلاح، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو لصحيفة لاستامبا الإيطالية: إنّ بإمكان روسيا القيام بدور الوسيط في وقف إطلاق النار «فقط إذا كانت محايدة».
آخر حرب مفتوحة بين البلدين عام 1994 انتهت بهزيمة أذربيجان واحتلال أرمينيا نحو 20 في المئة من مساحة أذربيجان، بما في ذلك إقليم ناغورني قره باغ كله، إضافة إلى 9 في المئة من أراضي أذربيجان خارج الإقليم، الذي تعتبره الأمم المتحدة والدول الغربية إقليماً أذربيجانياً، وترفض عملية ضم أرمينيا له، والميزانية العسكرية لأذربيجان 2.73 مليار دولار بنسبة 5.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، مقابل 0.5 مليار دولار لأرمينيا بنسبة 4.7 في المئة من الناتج المحلي الأرميني، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أنها 1.3 مليار دولار للجيش الأرميني، ويبلغ عدد من يصلحون للخدمة العسكرية في أذربيجان 3.7 مليون نسمة، ويصل إلى سن التجنيد سنوياً 151 ألف شخص، مقابل 1.3 مليون يصلحون للخدمة العسكرية في أرمينيا، التي يتجاوز عدد من يصلون إلى سن التجنيد فيها 44 ألف شخص سنوياً، ويضم جيش أذربيجان 300 ألف جندي، بينهم 126 ألف جندي عامل والباقي قوات احتياطية، مقابل 200 ألف جندي بينهم 45 ألف جندي عامل في جيش أرمينيا، وتتكون القوات الجوية الأذربيجانية من 147 طائرة، بينها 17 مقاتلة، و12 طائرة هجومية، وطائرة نقل عسكري، و29 طائرة تدريب، إضافة إلى 88 مروحية بينها 17 مروحية هجومية، وتتكون القوات الجوية الأرمينية من 64 طائرة، بينها 9 طائرات هجومية، و3 طائرات نقل عسكري، و13 طائرة تدريب، إضافة إلى 37 مروحية بينها 20 مروحية هجومية، وبصفة عامة القوات الجوية البلدية صغيرة الحجم، وتعتمد على طائرات روسية قديمة، باستثناء 12 طائرة ميغ 29 لأذربيجان، و4 طائرات سوخوي 30 لأرمينيا.
وعلى الجانب الروسي فقد أوضح فلاديمير بوتين عدم مساندة روسيا لحليفتها أرمينيا في صراعها مع أذربيجان حول إقليم ناغورني قره باغ، وقال الرئيس الروسي: «لدينا مسؤوليات معينة تجاه أرمينيا في إطار اتفاق منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وروسيا تفي دائماً بمسؤولياتها بموجب الاتفاقية، ولكن صراع ناغورني قره باغ لا يحدث على الأراضي الأرمينية، وأنا على اتصال دائم برئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان»، وأعرب عن قلقه من المأساة الجارية في قره باغ، مشيرا إلى أن جميع من يقطنون في أذربيجان وأرمينيا وقره باغ ليسوا غرباء عن روسيا.
طريق أذربيجان الرئيسي لصادرات النفط هو خط أنابيب باكو - تفليس - جيهان، الذي ينقل نحو 80 في المئة من صادراتها من النفط ويمر في جورجيا ومنها إلى الساحل التركي على البحر المتوسط، وتبلغ طاقته الاستيعابية 1.2 مليون برميل يومياً، أو أكثر من 1 في المئة من إمدادات النفط العالمية، وتصدر حالياً أكثر من نصف مليون برميل يومياً من النفط. وتصدر أذربيجان أيضاً النفط عبر روسيا من خلال خط أنابيب باكو - نوفوروسيسك وعبر جورجيا بالقطارات وأيضاً في خط أنابيب باكو - سوبسا، والصراع في ناغورني قره باغ، يثير قلق المجتمع الدولي، لأن المنطقة تشكل ممراً لخطوط أنابيب رئيسية تنقل النفط والغاز إلي أسواق العالم، مما يهدد الاستقرار العام.
ولم تخفِ إيران قلقها من تطورات الصراع على حدودها في إقليم ناغورني قره باغ ومخاطر أن يتطور إلى صراع إقليمي يهدد أمنها، خاصة أنه قد يمتد إلى أراضيها، من خلال تغذية النزعة الانفصالية لثلث سكان إيران من أصل أذري وتحريكهم لنصرة أذربيجان.