د.غادة العنقاوي
يبدو أن العزلة والتخويف المستمر من المرض والموت من حولنا في هذه الشهور السّابقة لعبا دوراً في ازدياد حالات الارتباك النفسي Panic Attack. ووجدت نفسي أكتب عن دور المشاعر في حياتنا وكيف تصنع قراراتنا في كل لحظة ابتداءً من قيادة الذات لقيادة الآخرين لقيادة المجموعة وأخيراً القيادة الاستراتيجية على مستوى الأعمال والتنظيم.
ولعلي أركّز هنا على القيادة الذّاتية، حيث إنّ كل قائد مهما عظم منصبه ومسؤولياته ليتمكن من القيام بدوره لا بد أولاً أن يقود ذاته.
لم يعد الأمر فقط الحماية من الفيروس، بل أصبح كل إنسان تقابله في الشارع فيروس بذاته، ينبغي تجنبه وترك التفاعل معه. وفي حقيقة نفسك تشعر بالخوف ليس أكثر، ويتضاعف هذا الشعور عندما يعطس أو يكح لدرجة أصبحت لغة جسمك توحي بالتقزز من هذا الشخص، وبالتالي يشعر الناس بالألم من التواصل مع بعض، خاصة في الأماكن العامة.. فما دور قيادة الذات في الأمر؟
في كل مرة ترد إليك خاطرة حول إمكانية أن يكون الشخص أمامك يحمل العدوى، تحفز هذه الخاطرة الشعور بالخوف وينتج عن الشعور ردة فعل طبيعية وهي (الهروب).
قيادة الذات عنا يعني أن تغير أولاً هذا النسق المقيد، والمؤدي إلى نتائج قد تعود عليك في علاقاتك وعملك بالفشل.
الهروب في النهاية ليس حلاً، وأنت تعرف ذلك، ولكن الوقاية هي الحل، ولكي تستطيع أن تخترق هذا النسق وتغيره، عليك أولاً أن تحدد ما هو الشعور الإيجابي الذي ترغب في أن يحل محل الخوف؟ ثم تسأل نفسك متى عادة تشعر بهذا الشعور؟ وتتعرف أخيراً على الفكرة التي تكمن خلف الشعور الإيجابي المرغوب.
يبقى أن تتمرن على توليد الشعور الإيجابي قصداً في أوقات مختلفة غير وقت التعرض لحافز الخوف، إلى أن يصبح يتولد هذا الشعور بنفسه، ويصبح مجرد اختيار في أي وقت. تأتي بعد ذلك مرحلة تنفيذ الاستبدال في الأوقات الصعبة تحت ضغوط شديدة أو متوسطة. وهنا ستحتاج إلى شيء من التريث والتقدم بحذر واستعداد كامل، ولكن في النهاية القيادة الذاتية أن تتمكن من توجيه أفكارك ومشاعرك لتتحرر أولاً من كل ما يقف أمامك، لتتمكن من تحقيق خططك التي تعود بالنفع عليك وعلى الآخرين.