فهد بن جليد
لا أفتح أي صور يتم إرسالها على هاتفي صباحاً، حتى أتناول إفطاري وأشرب فنجان قهوتي، فما زلتُ أعاني -كغيري- من استقبال صور (السيلفي) الصباحية من (ثلة) من الأصدقاء، الذين لا أعرف من أخبرهم أنَّ صباحنا لا يكتمل ولا يحلو إلا برؤية ملامحهم الأخاذة، كونهم من علامات وابتسامات الصباح الجميلة والمشرقة، بينما الحقيقة أنَّني (أنفث) عن يميني ثلاثاً وعن شمالي ثلاثاً، مستعيذاً بالله من سوء المنقلب، وكآبة المنظر.
هوس (السيلفي) خلَّف أمراضاً وظواهر طبية في مختلف المجتمعات، خاصة لدى فئة المراهقين من الجنسين - تشمل المراهقة المتأخرة أحياناً- كتبتُ هنا كثيراً عن الأمراض الصحية والنفسية والأعراض التي يخلّفها التقاط (سيلفي)، واليوم يتحدث العلماء عن اكتشاف اضطراب جديد أطلقوا عليه اسم (ديسمور فوبيا) وعوارضه تؤكِّد عدم الرضا عن النفس والشكل والمظهر مقارنة بالآخرين، مما يؤدي لاهتزاز الثقة وعدم الشعور بالأمان والاستقرار، وتعويض ذلك بزيادة التقاط صور (السيلفي) اليومية، والميل إلى تضخيم الذات بالذكاء والنرجسية والتميّز والقدرة من خلال جملة من الصور المتنوِّعة، فلا نحن تخلّصنا من إزعاج (السيلفيين) الأصليين، ولا سلمنا من آثار فوبيا (سيلفي) المتأثّرين.
نقطة جديرة بالاهتمام عند التقاط صور (السيلفي)، لا يزعجك كبر (أنفك)، الذي يظهر بصورة مغايرة للحقيقة، لا تحاول إخفاءه (بإمالة رقبتك) تقبل الوضع كما هو، فعدد من لا يحبون أنفسهم وغير الراضين عن أشكالهم يتزايد في العالم، طلب عمليات تجميل الأنف تحديداً لمن هم دون سن الأربعين سببه غالباً صور (السيلفي)، حقائق تتحدث عنها الدوريات الطبية الأمريكية بعد تتبع واستبيان حول تكاثر عمليات تجميل الأنف مؤخراً، الفوضى التي يخلّفها التقاط صورة (سيلفي) لن تتوقف عند عملية جراحية أو اضطراب نفسي.
وعلى دروب الخير نلتقي.