بالأمس كنت متهيبة من هذه اللحظات. لحظات الوداع الأبدية لشخص تربع في قلوبنا هو عبدالرحمن سلطان المعجل، زوج أخت وولد عم ولكن من حبنا له أسميناه (عمنا) أودعنا فيها أطيب وأحن إنسان، رجل حمل كل المعاني السامية لكلمة رجل، الطيب والسماحة واللين والوفاء وصلة الرحم والكرم والعطاء والفزعة والمروءة لم يكره أحداً ولم يجاف أحداً ولم يقض حياته في معارك مع أحد، نشر المحبة والسلام على من حوله، لا يفعل إلا الخير ولا يأتي إلا بالخير، عشت في كنفه سنوات طفولتي حتى وصولي للمرحلة المتوسطة منحني فيها ذكريات جميلة لحياة جميلة كجمال روحه اللطيفة عشتها في منزله، وعندما يحضر أصدقاؤه كان يدعوني حين كنت طفلة صغيرة للجلوس معه، وقد كنت أستمع لأحاديثهم بشغف، ذكرياته ما زالت عالقة في ذهني لجمالها، كل ذكرى أجمل من الأخرى من لطف المعاملة إلى الترفيه إلى العطاء والكرم غير المحدود إلى السماحة واللين وجميل المعشر، فقد كان كريم النفس، كريم البذل، محبا للناس لم يحمل صفة الأنانية، وكان -رحمه الله- موسوعة في الرياضة والشعر والأدب والفن، منفتحا محبا لكل ماهو جديد، محافظا على دينه، توجني ملكة في طفولتي أعطاني الحرية في التصرف لم يقل في يوم من الأيام لم فعلت هذا، لم يقابل تمرد الطفولة بقسوة لقد كان حنوناً وديعاً بمعنى الكلمة ملأ حياتنا بأشعاره، ففي كل مناسبة لنا يسبقنا بحضوره وبكلماته الجميلة وأشعاره المعبرة التي تدل على صدق المشاعر والقلب الكبير الذي يحمله، لاتمل من الجلوس معه، أحاديثه عذبة كعذوبة صفاته لا يذكر الآخرين بسوء ولا يحمل هم الدنيا، كانت كتبه ومجلاته تملأ المنزل وكنت أقرأ فيها وإن لم أكن أفهم بعض معانيها لصغر سني، ولكنها أثرت في عقلي، جعلتني طموحة محبة للعلم، لقد كنت أجلس معه فييثري عقلي وروحي.
اجتماعي يحب الآخرين، ويحب التواصل معهم، رحل وترك لنا أجمل الذكريات، لن ننساك ياعمي وسوف ندعو لك ما حيينا، إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون (إنا لله وإنا إليه راجعون).
** **
بدرية سلطان المعجل - سدير