م. خالد إبراهيم الحجي
إن حماة مدينة سورية يخترقها نهر العاصي، وقد اشتهرت بوجود آلات مائية دائرية على شواطئ النهر مخصصة لرفع المياه تُعرف باسم «النواعير»، ويعود تاريخها إلى عام 450 ميلادي. وهي عبارة عن دواليب خشبية ضخمة تدور حول محاور خشبية من خشب الجوز، دائمة الدوران بفعل قوة جريان الماء، ومثبت حول محيطها الخارجي دلاء، المسافة بين الدلو والذي يليه ثابتة، وعندما تكون منغمسة في ماء النهر تغرف الماء، وبعد اكتمالها نصف دورة وأثناء نزولها ينسكب الماء من الدلاء في الساقية وينتقل عبر القنوات إلى البساتين.. ومنها انتقلت فكرة هذه «النواعير» إلى أوروبا بواسطة التجار والصليبيين. واستطاع الهولنديون تطويرها لتعمل بقوة الرياح بدل الماء على هيئة طواحين كبيرة دائمة الدوران، لتصريف البحيرات والمستنقعات في دلتا نهر الراين.. وبعد اختراع المولد الكهربائي في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، تم بناء أول توربين الرياح في الدنمارك عام 1897م.. وحديثاً ظهرت مزارع الرياح أو حدائق الرياح، وتسمى أيضاً محطات طاقة الرياح، وهي عبارة عن مجموعة من توربينات الرياح في نفس الموقع، تستخدم لإنتاج الكهرباء التي يتم تجميعها بواسطة كيبل نهايته الطرفية تغذي شبكة الكهرباء العامة. ويمكن أن تكون محطات طاقة الرياح إما برية أو بعيدة عن الشاطئ داخل البحر.. وتفيد أحدث بيانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا) إلى أن إنتاج محطات طاقة الرياح في عام 2016م بلغ (6) في المئة من الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة.. وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وضعت الحكومة الفيدرالية الأمريكية حوافز تشجيعية؛ تمثلت في إعفاءات ضريبية على الاستثمارات في مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية من الشمس والرياح؛ فزاد عدد توربينات الرياح، وكمية الكهرباء المولدة من محطات طاقة الرياح، ونمت حصة الولايات المتحدة الأمريكية من توليد الكهرباء من الرياح من أقل من (1) في المئة عام 1990 إلى نحو (7) في المئة في عام 2019م.. وبالمثل أدت الحوافز التشجيعية في أوروبا إلى توسع كبير في استخدام محطات طاقة الرياح هناك. وأكثرها شيوعاً (تعريفات التغذية الكهربائية) داخل دول الاتحاد الأوروبي، وهي حوافز تعتمد على الأجيال وتحرك الأسعار؛ وتنص على أن يلتزم مشغلو الشبكات الكهربائية بشراء الكهرباء التي ينتجها المصدر الكهربائي المتجدد إما بالسعر الذي يحدده النظام الوطني أو الإقليمي. وللوهلة الأولى يبدو أن هناك اختلافاً وتبايناً مثيراً للاهتمام في دواعي استخدام الطاقة المتجددة بين الصين والمملكة العربية السعودية، بينما الحقيقة أن الأهداف النهائية متطابقة. فمن جهة، تفتقر الصين إلى مصادر الوقود الإحفوري، وتستورد جزءًا كبيراً من حاجتها من النفط من المملكة، وقامت بالاستثمار بكثافة في الطاقة المتجددة للتقليل من اعتمادها على النفط، وفي الوقت الحاضر هي أكبر مولِّد لطاقة الرياح في العالم.. ومن الجهة الأخرى، فإن المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، وضعت التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة من الرياح والشمس ضمن خططها المستقبلية، جنباً إلى جنب مع استخدام المزيد من الغاز الطبيعي لتحرير ما يقرب من 600 ألف برميل من النفط الخام التي تحرقها حاليًا كل يوم لتوليد الطاقة الكهربائية، في غضون السنوات الثلاث المقبلة، كجزء من محاولاتها لخفض الطلب المحلي على النفط، وتحقيق الأهداف العالمية للطاقة والعناية بالبيئة.. وفيما يلي أكبر محطات طاقة الرياح في كل من آسيا وأمريكا وأوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط:
(1) آسيا: محطة طاقة الرياح في منطقة جوكوان الصينية، وهي أكبر مزرعة رياح في العالم بقدرة مخطط لها تبلغ 20 جيجاواط، وسوف تحتوي على 7000 توربين رياح.
(2) أمريكا: محطة ألتا لطاقة الرياح في ولاية كاليفورنيا الأمريكية بقدرة تشغيلية تبلغ 1548 ميجاواط..
(3) أوروبا: محطة طاقة الرياح البريطانية على مسافة 19 كيلومتراً من شواطئ جزيرة ويلني بطاقة تشغيلية قدرها 659 ميجاواط، وتغطي مساحة قدرها 154 كيلومتراً مربعاً في البحر الأيرلندي.
(4) إفريقيا: مشروع بحيرة توركانا لمحطة طاقة الرياح في كينيا هو الأكبر في إفريقيا بطاقة تشغيلية قدرها 310 ميجاواط، وتم افتتاحه في عام 2019م.
(5) الشرق الأوسط: تعد محطة دومة الجندل لطاقة الرياح بمنطقة الجوف في المملكة العربية السعودية، هي الأكبر على مستوى الشرق الأوسط، وتبلغ قدرتها الإنتاجية 400 ميجاواط، ومن المتوقع بدء التشغيل التجاري للمحطة عام 2022م..
الخلاصة:
إن تسريع الانتقال إلى الطاقة المتجددة لا غنى عنه، للوصول إلى أهداف الطاقة العالمية، والمساعدة في العناية بالبيئة.