في يوم الاثنين التاسع والعشرين من شهر رمضان عام (1405هـ) الموافق السابع عشر من شهر يونيو عام (1985م) أطلقت ناسا (وكالة الفضاء والطيران الأمريكية) مكوك الفضاء ديسكفري G51 (المستكشف) من قاعدة مركز كيندي للفضاء في فلوريدا.
انطلق المكوك في الساعة السادسة صباحاً وعلى متنه سبعة من الرواد، وهم خمسة أمريكيون منهم امرأة، ورائد فضاء فرنسي، ورائد فضاء سعودي هو صاحب السمو الملكي الأمير الطيار سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، استغرقت رحلتهم الفضائية ثمانية أيام، عادوا بعدها إلى كوكب الأرض بسلام.
عاد سمو الأمير سلطان بن سلمان إلى أرض الوطن، فأقيمت له حفلات الاستقبال ومهرجانات الترحيب.
وفي وقت لاحق من العام قام سمو الأمير بزيارة لمدينة بريدة، وقد صحبه في تلك الزيارة الطيار عبدالمحسن البسام وأعضاء الفريق العلمي الذين صحبوا سموه إلى أمريكا، وصل الجميع إلى بريدة قادمين من عنيزة، بدأوا زيارتهم بالسلام على صاحب السمو الملكي الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز آل سعود في مكتبه بمبنى الإمارة (عندما كان أميراً لمنطقة القصيم)، ثم توجّه الجميع إلى مبنى بلدية بريدة حيث أقيم اللقاء وحفل الاستقبال والمحاضرة.
أقيم اللقاء في قاعة المحاضرات الكبرى التي غصت بالحضور من جميع الفئات، بدأ للقاء بكلمات ترحيبية بسموه وبمرافقيه، ثم عُرض فيلم وثائقي عن الرحلة الفضائية التاريخية والتي شارك فيها سموه مشاركة فاعلة.
فقد تابع الحاضرون مراحل الرحلة من بدايتها إلى نهايتها، حيث عاد الرواد إلى الأرض سالمين، وقد رأينا كيف تم إشعال الصواريخ التي دفعت بالمكوك إلى الفضاء، ثم تابعنا ما فعله الرواد خلال رحلتهم، حيث تم إطلاق القمر الصناعي العربي (عرب سات2) وشاهدنا -من خلال الفيلم- النافذة الزجاجية (المحكمة الإغلاق) والتي يطل منها الرواد على الأرض، وقد عُلقت لوحة صغيرة خلف المقعد الذي يجلس عليه سمو الأمير في ديسكفري كتب على تلك اللوحة باللغة العربية (هنا الرياض) كما رأينا كثيراً من المشاهد الجميلة والطريفة علقّ عليها سموه قائلاً: إن تلك المشاهد تسجلها (ناسا) لطلاب المدارس والأطفال، فمثلاً رأينا كيف أن قطعة من (الكيك) وحبة من الموز تدوران في فضاء المركبة بين الرواد، حيث الجاذبية معدومة هناك.
كان سمو الأمير سلطان بن سلمان يعلق على مشاهد الفيلم بكل مهنية واقتدار، ما ألهب أكفّ الحاضرين بالتصفيق والإعجاب.
رأينا كيف ينام الرواد في المركبة الفضائية، إنهم ينامون (وقوفاً) وقد لبسوا ملابس سوداء اللون تشبه ملابس رجال المطافي، كما يلبسون نظارات شمسية حالكة السواد، وقد شدت ملابس نومهم إلى جدران المركبة الفضائية بأربطة قوية.
وتابع الحاضرون المكالمة الهاتفية (الفضائية) التاريخية التي تمت بين خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- وبين سمو الأمير سلطان بن سلمان، وقد شارك فيها الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- (عندما كان أميراً لمنطقة الرياض).
وقد لفت سمو الأمير سلطان بن سلمان انتباه الحاضرين والمشاهدين إلى أن أحد إطارات المكوك الخلفية قد انفجرت بعد هبوطه بسلام وملامسته أرض القاعدة (بحيرة جافة) في فلوريدا، وقد شاهدنا ذلك من خلال الفيلم.
ثم أجاب سموه عن أسئلة الحضور واستفساراتهم بصراحته المعهودة وثقافته المهنية.
انتهى اللقاء والمحاضرة عند الساعة الثانية عشرة ضحى.
كلنا فخر واعتزاز بصاحب السمو الملكي الأمير الطيار سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أول رائد فضاء عربي مسلم، ورئيس الهيئة السعودية للفضاء حالياً -حفظه الله ورعاه-.
** **
- إبراهيم بن سليمان الوشمي
Ibrahim.washmi@gmail.com