حماد الثقفي
دعنا، من استثنائية أن يصاب بالفيروس «رأس هرم السلطة» في أقوى قوى العالم، خاصة في وقت حرج يفوز به مالك القوة فيها، ليتوقف العالم ناطراً عواقبها، إذ لا يمكن التنبؤ بها مع ألاعيب رئيس أمريكي كترامب وتغريداته التي ينزف على إثرها الضحية، وكأنها حرب وجود، بل حرب سياسية اقتصادية عالمية، تداخلت فيها المصالح القومية، وتصفية حسابات النفوذ، فبعدما خرج الفيروس من «القمقم» الصيني أواخر العام الفائت، مُمسياً كالمارد بأبشع صوره على البشريةً، مُرهقاً أقوى الاقتصاديات بل ومعلناً هزيمتها وبيان ضعفها في أوربا وأميركا وروسيا وغيرهم، حيث أثقلت الجائحة المباغتة الإمكانيات الصحية لهم، لكن الضربة كانت تكاد تكون قاضية وسط حُمى نوفمبر الأمريكي، والمعاقل الانتخابية لمحدودي الدخل والأقليات العرقية، متحوراً لأشكال أكثر تعقيداً، لسببين مباشرين: أولهما أنها سنة انتخابية استثنائية. وأن لها «حساسية» في تركيبتها الفيدرالية، ليطل علينا منهما تناقض مباشر بين أكبر حزبين «سلطة المركز» اليمينية والديمقراطية الليبرالية، وليس بجديد بعد إصابة ولي العهد الأمير تشارلز، وبعده رئيس الحكومة جونسون، بالفيروس، أن يُصاب الأمريكي ترامب مُستخفاً بكورونا، هو ومناصروه من الإنجيليين المحافظين، وكأنها ألعوبة قانونية لتعويض الفارق بينه وبين غريمه بايدن في ماراثون الانتخابات لاعبين كليهما على «وتري» الجائحة والناخب المتشتت المقهور من عواصف الكبار والعنصرية التي اجتاحت البلاد وضياع الهيبة الدولية، وكأنهما بعقد حملاتهما الدعائية حليفان للوباء ضد مواطني أميركا من دون ارتداء الكمامات الواقية، فلا علاج ولا لقاح يلوح في الأفق القريب.
ولعل إصابة ترمب بالفيروس ستُربك -بلا شك- حملته الرئاسية، أكثر من استفادته من «التعاطف» الشعبي، لتصيب كرة الثلج عددًا من موظفيه وكبار مساعديه، وأفرادا حملته الانتخابية وصحافيين، والأدهى حرصه على متابعة تغريداته وطمأنة ناخبيه، مُغرداً: «أعتقد أنني على ما يرام! شكراً لكم جميعاً. أحبكم». وقال في شريط الفيديو «أريد أن أشكركم جميعاً للدعم الهائل. أنا ذاهب إلى مستشفى والتر ريد، وأظن أنني أبلي حسناً، لكننا سنتأكد أن الأمور ستسير على ما يرام».
بينما امتنع بايدن عن انتقاد ترمب بشكل مباشر، وأنهى خطابه قائلاً: «حفظ الله العائلة الأولى وكل أسرة تتعامل مع الفيروس». بل وأعلنت حملة بايدن عن سحب كل الإعلانات السلبية ضد ترمب، وسط إصرار البعض على مواصلتها لأن ترامب في اعتقادهم لم يوفر وما كان ليوفر أي فرصة لمهاجمة خصمه، مذكرين بما جرى في المناظرة الرئاسية... ولعل كلمة الفصل ألا تكُن أيها البشري مستخفاً بما قد يكون فيه نهايتك!!!