خالد الربيعان
الأفراخ الصغيرة عندما يحين دورها في الطيران، لا تعرف.. من يعرف ؟ الأم.. لو تركتهم هكذا في اعتقادهم.. بأنهم لا يستطيعون الطيران، لظلوا أوقات أكبر.. على الأرض.. في وقت معين.. يكون كل ما يلزم.. هو الدفعة.. هو الضغط.. يصرخ الفرخ الصغير معتقداً أن الأم تحاول الإضرار به، لكنه يفاجأ بعد لحظات.. من الرعب.. الدهشة.. الألم.. التكيف.. الوضع الجديد.. أنه يعرف الطيران.. أنه يستطيع فعلها.. واستطاع.. وأن الدفعة كانت في محلها.. وأن الضغط كما يولِّد الانفجار أحياناً.. فإنه يصنع الإنجاز !
الدفعة هنا: السعودية تتقدم رسمياً بطلب استضافة دورة الألعاب الآسيوية: الدورة القارية الأكبر.. في الرياض.. 2030 ، في البداية اعتقدت أن الأمر عادي.. عندما وجدت الربط بين هذا الملف وعبارة «تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030» أيقنت أنها نوع من أنواع الدفعات.. لتأسيس بنية تحتية رياضية في السعودية، ذلك الملف الشائك والذي بحت فيه أصوات الجميع، رغم استمرار الوضع الغريب بتأجير بطل القارة لاستاد.. ومنافسه نادي آخر له فيه.. ومزاد.. وشركة.. كل هذا وفي الإمكان بناء أكثر من 10 استادات !
التحرك يستلزم دافع، حِمْيَة، تحرُّك.. جرينتا كما يقول الطليان، أعتقد أن ملف الاستضافة يعطينا 10 سنوات من البناء، التشييد، المشاريع التي «ستبقى» بعد التنظيم.. وهو كل ما أراه ويراه القائمون على هذا المشروع الضخم.
على القرب منا، في اليابان تحديداً، أعلنت اللجنة المنظمة أن ميزانية التنظيم والإنفاق في ملف البنية التحتية لاستضافة أولمبياد طوكيو 2020 هي: 1.8 تريليون ين ياباني «أي 12 مليار دولار وكسور» ! ، قيمة كبيرة جداً.. لا لسواد أعْيُن الدول التي ستشارك.. بموضوعية.. ولكن لنقطة «بقاء ما تم تشييده للأجيال القادمة»، لاستفادة الدولة نفسها..
لاستضافة المونديال الألماني: أنفق الألمان 6 مليارات دولار على ملف البنية التحتية.. بقيت الاستادات الجميلة الدولية الجديدة المجهزة للرياضة الألمانية.. بجانب أرباح 4.6 مليار دولار من المونديال ! .
جنوب إفريقيا أنفقت على ملف البنية 3 مليارات، 40 ألف وظيفة وأرباح 2.5 مليار من البطولة نفسها، السيد بوتين أمر بإنفاق 14 مليار دولار على 12 استاداً في 11 مدينة روسية، وبقيت التشييدات بما تم تطويره فيها للرياضة هناك.
المعنى من كل هذا، أن السعودية تحتاج لهذا الدافع.. فعالية قارية قوية، تساهم في «تسويق المملكة» وهذه نقطة أخرى، بجانب ملف البنية التحتية، وهو ما أنظر له، وينظر له القائمون على هذا المشروع الضخم بالتأكيد - وهو ما اتضح في عبارة «تقديم تجربة ثقافية رياضية وتقنية فريدة حال استضافتها للألعاب الأولمبية 2030 في الرياض عبر تطوير وتجهيز بنية تحتية متطورة.. ومتكاملة».
ماذا لو ؟
الشهر القادم -نوفمبر- ستعقد اللجنة الأولمبية الآسيوية اجتماع التصويت على ملف المستضيف، السعودية قدمت ملفها الذي رأيت أن بعض الصور التخيُّلية لملف البنية التحتية كافي ليكون الملف مشرفاً و»واعداً».. ولكن.. التخيل والتمنِّي شيء.. والعمل والتعب والعرق و»الإنفاق» شيء آخر، يستلزم وقتاً ومجهوداً شاقاً.. ودراسة مستفيضة.. وكوادر «تعرف ماذا تفعل» في مجالات «الهندسة والتشييد والبناء»، مع الاستيقاظ جيداً.. لمحاولات «البعض» لإعاقة تقدم السعودية في أي مجال.. خاصة في «صناعة الرياضة».. بعد شواهد عانينا منها ورأيناها بأعيننا.. مثل «احتكار البث» و»التدخل في صفقة شراء نيوكاسل الإنجليزي»!.