فهد بن جليد
أرسلتُ لصديقي (أنا عند بابك) حسب الموعد، فأجابني أدخل بهدوء وأنصت من فضلك، بمجرد جلوسي على الكرسي بعد السلام، أكمل الشخص الموجود حديثه قائلاً: المشكلة تكمن أحياناً في عدم التنفيذ الصحيح لأخذ مسحة الفم والبلعوم ببساطة، وبدأ يتحدث في تفاصيل الغشاء المخاطي، وعدم التنفس ببطء عند أخذ العينة، كعوامل مؤثِّرة في نتيجة (كوفيد-19)، ثم أردف قائلاً إذا كانت المسحة (مائلة) فسيقوم طرفها بمسح الحنك الصلب لا الرخو، وإذا لم يتم سحب اللسان بشكل كافٍ فهذا يؤدي لتصاعد طرف المسحة، وصديقي (فاق فمه) ويستمع باهتمام، فقلت له لكن (يا دكتور) إذا لم تتم العملية بالطريقة الصحيحة وش المخاطر المحتملة؟ قال هذا سؤال جيد أخي الكريم، أنا أميل (لمسحة) الأنف أكثر، ولي أسبابي فبحسب الإصدار الإلكتروني المحدث للمجلة الأمريكية لطب الجهاز التنفسي والعناية المركزة، إذا لم يتم إجراء المسحة التشخيصية للفم والبلعوم بالشكل الصحيح، فإنَّ النتائج غير دقيقة غالباً.
غادر (البروفيسور) وودعه صديقي، وبعدها قال لي صاحبي (والله مكسب هالإنسان، مُطلِّع رغم أنه لا يحمل سوى شهادة الثانوية) مع تقديري -لحملة التوجيهي- لكن (البروف) الذي أتحفني برأيه حول مسحة الفم والأنف، ليس طبيباً ولا متخصصاً، بل هو ( باحث عن عمل)، يبدو أنَّ شغف الاستماع والاهتمام بكل ما يتعلَّق بـ(كورونا) جعلنا نتقبل أي (رأي) من أي مصدر غير متخصص، وهذا خطأ يجب الانتباه له، فليست كل المعلومات التي نتعرض لها صحيحة ودقيقة، حتى لو كانت مصادرها بحثية وعلمية.
التعرض لكمية هائلة من المعلومات المتناقضة والمتدفقة من أكثر من مكان عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل، وشغف الناس بالحديث عن (كورونا) هذه الأيام في المجالس والمكاتب والمقاهي، جعلنا نصدِّق كل متصدر أو متحدث، هذا يجب ألا ينسينا ضرورة الإنصات للمتخصصين والاستماع للمصادر والقنوات الرسمية الموثوقة فقط، الموقف لا يحتمل الاجتهاد من غير المختص، والأكثر خطورة عند (تفيقه) بعض المتخصصين، ومحاولتهم البروز والبحث عن الإثارة بآراء طبية شاذة أو غير قطعية تتعلّق بـ(كورونا) وطرق العدوى أو العلاج، و تلك معضلة أخرى.
وعلى دروب الخير نلتقي.