م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- هل يمثل مصارعو «تويتر» مجتمعاتهم أم أنفسهم؟ الحقيقة إن الحكم على ذلك لا يزيد على أن يكون مجرد وجهة نظر.. «فالحكم على الشيء فرع من تصوره».. فإن أنت نظرت إلى مغردي مجتمعك على أنهم يمثلون أنفسهم ولا يمثلونك أو مجتمعك.. فيجب عليك أن تنظر كذلك إلى مصارعي الطرف الآخر على أنهم لا يمثلون إلا أنفسهم، وليس مجتمعهم.
2- المصارعة جهد عضلي، تضغط على الأعصاب، وتجعلها تطلق التوترات. وهذا يريحها بعد ذلك.. فالصراخ، والجدال، وفورات الغضب، والانفعال، والأقوال العميقة أو البذيئة، والأفكار الجديدة الجريئة أو التقليدية المسطحة.. وكذلك الأفكار، والآراء، والشتائم، والسخرية، والاستهزاء، والثناء، والهمز، واللمز، والإعلان، والإعلام، وكل ما يمكن أن يعبَّر عنه بالحروف أو بالصور سوف يُلقى ويعرض في ميدان «تويتر».. كثير منها هذر.. لكنها كلها تولد جهدًا ذهنيًّا وعضليًّا.. وهذا بحد ذاته مفيد؛ لأنها تنفس عما في النفس وتريحها.
3- رغم سوء نتائج تلك المصارعات إلا أنها تنفيس للاحتقان الذي تختزنه النفس.. «تويتر» فقط قدح الزناد فانفجر في ساحته.. وهي ساحة عامة مفتوحة موثقة مرجعية فردية سريعة قصيرة.. والتغريدة فيها كالرصاصة تمامًا، إذا خرجت لا ترجع.. فهي كلمة قد قيلت على رؤوس الأشهاد.. وعلى من قالها تحمُّل وزرها إلى يوم يبعثون.
4- متابعو «تويتر» ينقسمون إلى فئات.. وهي فئات تتشكّل مع كل تغريدة.. يوجهها الذوق والرأي والمصلحة والانطباع.. فأحيانًا تعجبك التغريدة فتعيد إرسالها، أو تحفظها في «المفضلة»، أو تعلق عليها مؤيدًا.. وقد تستفزك تغريدة أخرى فترد عليها بغضب.. أو تطلع على ثالثة ويكون موقفك منها «لم أقلها ولم تسؤني».
5- أجمل ما في «تويتر» أنه مضمار مفتوح.. يستطيع أي شخص أن يضع رأيه في ساحته.. بشرط أن لا تزيد حروفه على (280) حرفًا.. وهذا شرط أظهر المبدعين في التعبير عن تفاعلاتهم بأقل عدد من الحروف.. لكنه أيضًا أظهر البذيئين والمتوترين والأغبياء إلى جانب المؤدبين والعلماء والحكماء والمثقفين.. ساحة «تويتر» تشبه الحراج.. بضاعتها كلام مصفوف متناقض متصادم متنافر مختلف.. كل ما تبحث عنه سوف تجده جنبًا إلى جنب مع الأشياء التي لا تريدها أو تزعج مزاجك حين رؤيتها.
6- مصارعو «تويتر» بعضهم يصارع ضمن منهج، وله مسار واضح في موضوع محدد.. وبعضهم يسير خبط عشواء، يغرد في كل شيء وعن أي شيء.. الدافع في قراره للتغريد هو درجة انفعاله وليس فهمه.