سمر المقرن
لأننا (سعوديون) فنحن أكثر شعوب العالم صلة بالسعادة، لوحدة الأصل اللغوي (الاسم الثلاثي) الذي اشتقت منه المفردتان. ولا أذيع سراً إن استرجعت أننا عانينا من سيطرة عصور الجهل الصحوي وأعداء الحياة الذين خلطوا بظلاميتهم بين «التعاسة» و»العبادة» وحرمونا من الفرح، حتى أشرقت شمس أمير السعادة وصانع الغد الأمير محمد بن سلمان، فأعاد ترتيب الأولويات وصياغة الحياة برؤيته الفذة وإرادته الفولاذية ليأخذنا إلى مستقبل يعد بالكثير.
ولنتمكَّن من قياس التغييرات فلا بد من العودة إلى الماضي القريب، ففي هذه الزاوية، وقبل أكثر من ست سنوات كتبت مقالاً بعنوان: (السعادة في السعودية) بعد صدور التقرير السنوي لمؤشرات السعادة عالمياً من قِبل شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، حيث جاء ترتيب السعودية آنذاك في المركز 119 من أصل 124 دولة، ما يعني أننا كنّا في مراتب متأخرة، بل ومن ضمن قائمة الشعوب الأقل سعادة.
أما اليوم وبعد صدور تقرير السعادة السنوي الذي يشمل 156 دولة، بالتركيز على ست متغيِّرات رئيسية تدعم الرفاهية هي: الدخل والحرية ومستوى الفساد ومتوسط العمر المتوقع والدعم الاجتماعي والكرم. فإن السعودية خلال ست سنوات تقفز لتحصل على المركز الثاني عربياً، ما يمنحني كمراقبة دليلاً راسخاً على أن الإنسان السعودي خلال هذه السنوات الأخيرة تغيَّر حتى من الناحية النفسية في الوصول إلى هذه الحالة المرتفعة من معدلات السعادة.
تبدل هذه المؤشرات العالمية وتبدل موقع السعودية تحديداً، ما هي إلا تأكيد على أن برامج جودة الحياة المنبثقة عن رؤية 2030 تسير في الطريق الصحيح، بل وبجدول زمني سريع وأسرع من كل التوقعات، لأن نشر هذه الثقافة في مجتمعنا ليس أمراً سهلاً بعد سنوات طويلة خيّم فيها رعب التطرف على روح المجتمع، فتتحول الثقافة إلى الإيجابية بهذه السرعة بدل السلبية، وتتبدل النظرة إلى الحياة بهذه الروح المتقدة بالسعادة في كافة مناحي الحياة، وبدلاً عن ثقافة الموت نعيش داخل ثقافة جودة الحياة. بلا شك أن هذا جزء بسيط من أسباب اختلاف وصعود السعودية في مؤشرات السعادة العالمية، لأن الحياة لم تعد كلاماً إنشائياً، بل برامج بجداول زمنية تُطبَّق على أرض الواقع.
كل هذه التغييرات هي فكر وصناعة جاءت متكاملة ومترابطة لم تترك حتى أبسط التفاصيل من أمير السعادة الأمير محمد بن سلمان، الذي صاغ رؤيته وأمتشق الإرادة، وفي سنوات بسيطة تمكّن من تغيير نظرة الإنسان السعودي إلى الحياة، شاملاً في برامجه كل المتغيِّرات ليصنع وطناً سعيداً يتمكَّن أفراده من العطاء بأقصى القدرات، فالنجاح هو ثمرة السعادة، وهو ما يعطي الإنسان الشعور بالقيمة التي تُمكِّنه من العيش بأعلى معايير الجودة.