علي الخزيم
من لم يتعلم من المواقف الطارئة والأزمات العابرة والمصائب الموجعة سواء على مستوى الفرد أو المجتمع؛ فعليه مراجعة مقومات تفكيره وأبعاد توجهات عقله ومدى فهمه للأمور، ومن أقرب الأمثلة جائحة (كورونا، كوفيد - 19) فمع ضررها الواضح على مستويات عدة شملت الكرة الأرضية، إلا أنها فتحت آفاقاً لنتعلّم جملة من الدروس، وفتقت أذهان المسؤولين بكل اتجاه لابتكار طرائق مستحدثة لتسيير أمور الناس بكل مجتمع وبكل مجال، وكانت مملكة العزم والحزم بتوجيه من القيادة الرشيدة المخلصة من أوائل من بادر بسلوك هذا الاتجاه الحضاري وكانت معالجتها لتسيير أمور الشعب ومصالحهم غاية بالرقي والتحضر صاحبه كرم وسخاء بتحمل التكاليف بسبيل راحة المواطن والمقيم، بل تعدت أعمالها الجليلة لتشمل دولاً ومجتمعات صديقة أو محتاجة للعون والمساعدة، وهذا ما عرف عن مملكة الإنسانية بدأبها على أعمال الخير بكل الاتجاهات.
التعليم قطاع مهم وضرورة لكل الأجيال التي تنهض عليها الأمم إذا ما استشعروا أهمية أدوارهم لإتمام بناء ما شيّده مَن قبلهم بصدق الانتماء والحس الوطني الوفي والوقوف بصلابة أمام التحديات إن اعترضتهم، وليكونوا كما وصفهم سمو ولي العهد حفظه الله؛ وليجسدوا مقولته الشهيرة التي تُعد وساماً لكل مواطن لا سيما شباب المستقبل: (همة السعوديين مثل جبل طويق، ولن تنكسر إلا إذا انهد هذا الجبل وتساوى بالأرض)، لذلك نال التعليم في المملكة وبكل مستوياته اهتماماً بالغاً من القيادة، وتبعاً لآثار الجائحة الكورونية اتخذت حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده -أيدهما الله- كل أسباب تقدم وتطور العملية التعليمية للأجيال بكافة المستويات، وتهيئة كل أسباب استمرار مسيرة التعليم وتوفير كل ما يلزم لذلك، كالمنصات التعليمية الإلكترونية والتلفزيونية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، عدا التخصصات العملية التي تستدعي حضور الطلاب.
إذا اتفقنا أن الدولة زادها الله عزاً وتقدماً لم تقصر؛ فيبقى دور الطلاب والمعلمين بكل فئاتهم للمضي قدماً في العملية التعليمية وتحقيق تطلعات ولاة الأمر وأولياء أمور الطلاب واستشعار الأمانة الموكلة إليهم، وشحذ همم الطلاب للنهل من ينابيع العلم والمعرفة، وتنبيههم بالتأكيد على ما ينتظره منهم ولاة أمر البلاد وانهم سيتولون زمام الأمور مستقبلاً، وأن أهلهم وذويهم ومجتمعهم يضعون آمالهم عليهم، فليكونوا كما يؤمل منهم، وليكونوا أشد ثباتاً من (طويق) في مسيرتهم التعليمية، وهنا تجدر الإشادة بعدد من المعلمين والمعلمات ممن أبدوا حساً وطنياً رائعاً لإنجاح استئناف الدراسة عبر التقنية، رغم حالات بعضهم المرضية، فلهم ولكل معلم ومعلمة أعطر التحيات على جهودهم.ومن المؤسف أنه بينما تبح أصوات المعلمين عبر المنصات والقنوات التقنية لتعليم الطلاب وشرح الدروس؛ يظهر بعض المستظرفين من الطلاب بحركات لا تنم عن وعي ولا أدب تربوي، ولا يمكن تفسيرها سوى بتدني مستوى الذوق العام وتردي الأدب الشخصي لديهم، ولأنهم ينكشفون عبر الأجهزة فلا شك أن دوائر الاختصاص ستكون لهم بالمرصاد وسينالون جزاءهم إن لم ينتهوا عن تلك الممارسات التافهة الهابطة، ولئلا ينجر خلفهم مراهقون لا يدركون العواقب.