د. مساعد بن سعيد آل بخات
يوافق يوم الاثنين الخامس من شهر أكتوبر اليوم العالمي للمعلم، حيث يتم الاحتفاء بالمعلمين والمعلمات في معظم دول العالم نظراً لجهودهم وعطائهم اللامحدود في تزويد الطلاب والطالبات بالمعارف والعلوم المختلفة، وإكسابهم المهارات اللازمة للتعامل مع الحياة، وتوجيه سلوكياتهم بما يتوافق مع قيم ومعايير المجتمع.
لذا..
يُعد المعلم في ضوء العملية التعليمية القائمة ركناً أساسياً في بنائها, ويُعتمد على المعلم من قِبل وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية لتحقيق أهداف التعليم سعياً للتواكب مع رؤية 2030م والتي ستشهد تغيراً كبيراً في جميع الأصعدة التعليمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية مما في شأنه أن يعود بالنفع والفائدة على الوطن والمواطنيين والمواطنات.
وقد أشار عبدالرحمن المشيقح في كتابه والذي يحمل عنوان: (رؤى في تأهيل معلم القرن الجديد) إلى أنَّ: «أكدت بعض الدراسات التربوية بأنَّ 60 % من نجاح العملية التعليمية يقع على عاتق المعلم, بينما يتوقف 40 % من نجاح العملية التعليمية على الإدارة والكتب وظروف الطالب العائلية وإمكانات المؤسسة التعليمية».
لذا نجد بأنَّ المعلم يسعى جاهداً إلى تحقيق أهداف وتطلعات وزارة التعليم من خلال إخلاصه في عمله بتدريس الطلاب للمقرر الدراسي الخاص به مستخدماً استراتيجيات متنوعة للتعلم النشط لكي يتأكد من إيصال المعلومات للطلاب بكل وضوح, وبتوجيهه لسلوكيات الطلاب بما يتوافق مع المعايير المقبولة في المجتمع, وقيامه بأنشطة لا صفية متنوعة لإكساب الطلاب مهارات وخبرات جديدة... إلخ.. من الأعمال والمبادرات التي يقوم بها المعلم في المدرسة.
وعندما نتمعن في حال الدول المتقدمة والدول شبه المتقدمة نجد بأنهم قد حرِصوا على رفع مستوى التعليم من خلال الإعلاء من شأن المعلم, لأن دور المعلم في التربية الحديثة لم يعد مقتصراً على نقل التراث التاريخي والثقافي للأفراد, بل يتضمن أيضاً بناء الأفراد وإصلاح المجتمع.
فعلى سبيل المثال: عندما سُئِلَ رئيس دولة سنغافورة السابق (لي كوان) عن سبب تطور سنغافورة في عهده, فقال: «أنا لم أَقُم بمعجزة في سنغافورة, أنا فقط قمت بواجبي نحو وطني, فخصصت موارد الدولة للتعليم, وغيّرت مكانة المعلمين من طبقة بائسة إلى أرقى طبقة في سنغافورة, فالمعلم هو من صنع المعجزة, هو من أنتج جيلاً متواضعاً يُحِبُ العِلم والأخلاق بعد أنْ كُنا شعباً يبصق ويشتم بعضه البعض في الشوارع».
فالمعلم في الوقت الحاضر لم يُعد يُقدِّم المعلومة للطلاب فقط, بل إنَّ له أدواراً أخرى لا يعيها جيداً إلا من كان قريباً من الميدان التعليمي (المدارس), ومن بعض أدوار المعلم ما يلي:
أولاً/ للمعلم دورٌ عقائدي من خلال تنمية الوازع الديني لدى الطلاب مما يساعدهم على أن تكون سلوكياتهم متوافقة مع ما نص عليه كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-.
ثانياً/ يُمثل المعلم قدوةً حسنة لطلابه عند امتثاله بالأخلاق الحسنة قولاً وعملاً, لذا يؤكد أحد أعلام الاتجاه الفقهي في الفِكر التربوي الإسلامي وهو (القابسي) على أنَّ: «يجب أن يعمل التعليم على تهذيب الأخلاق, واكتساب الأخلاق يكون عن طريق التعليم والقدوة».
ثالثاً/ للمعلم دورٌ بارزٌ في توجيه وإرشاد الطلاب من الناحيتين النفسية والاجتماعية.
رابعاً/ للمعلم دورٌ كبيرٌ في نقل التراث الثقافي للطلاب مما يغرس في نفوس الطلاب الاعتزاز بتاريخهم وأسلوب حياتهم.
خامساً/ للمعلم دورٌ مهمٌ في تعزيز ثقافة الحوار بين الطلاب واحترام آراء بعضهم البعض.
سادساً/ للمعلم دورٌ بناءٌ في تعزيز سلوكيات الطلاب الإيجابية وتوجيه سلوكيات الطلاب السلبية.
سابعاً/ للمعلم دورٌ وطنيٌ من خلال نشر ثقافة حُب الوطن والانتماء له بين الطلاب.
ثامناً/ للمعلم دورٌ دفاعيٌ من خلال تحصين عقول الطلاب من الأفكار الهدامة والإشاعات المُغرِضة والتي تهدف إلى زعزعة الأمن بالوطن.
تاسعاً/ للمعلم دورٌ رائدٌ في شحذ الهمم واكتشاف المواهب وتحفيز المبدعين من الطلاب.
عاشراً/ للمعلم دورٌ أبويٌ مع الطلاب من خلال تعامله معهم بلُطف وشفقة وكأنهم أبناؤه وليسوا بطلابه, وهذا يُمثل أحد الآراء التربوية عند أحد العلماء المسلمين وهو أبو حامد الغزالي فقد كان يؤكد على أن من أدوار المعلم «أن يُشفِق على المُتعلم, ويأخذه بالآداب الدينية, ويحثه على لين الجانب, والتواضع الكريم».