د. محمد بن عبدالله آل عمرو
جاء في التقرير السنوي للهيئة الدولية لمراقبة المخدرات لعام 2019م أن منطقتي الشرق الأوسط وغرب آسيا تفوقان المناطق دون الإقليمية الأخرى على الصعيد العالمي من حيث ارتفاع معدل الانتشار السنوي لتعاطي الأفيونيات (الأفيون والمورفين والهروين) إذ يبلغ (1.6 %) من السكان، وما زالت أفغانستان البلد الذي توجد فيه الغالبية العظمى من زراعات خشخاش الأفيون وعمليات إنتاج الأفيون غير المشروعة في العالم، حيث بلغت مساحة زراعات خشخاش الأفيون وعمليات إنتاج الأفيون غير المشروعة في أفغانستان ما يعادل (76 %) منها في العالم، و(96 %) منها في أوربا، (84 %) منها في إفريقيا؛ كما جاء فيه أن صناعة عقار «الكبتاغون» المزيَّف والاتجار به لا تزال تؤثِّر تأثيراً خطيراً على بلدان الشرق الأوسط، التي أصبحت بقدر متزايد مصدراً لأقراصه المزيَّفة، وما زالت هذه المنطقة كذلك تعاني من مشاكل الاتجار بالترامادول وإساءة استعمال ذلك المؤثِّر الأفيوني الاصطناعي غير الخاضع للمراقبة الدولية، وذكر التقرير أن هناك مؤشرات على وجود مختبرات رسمية لصنع الكبتاغون المزيَّف في الجمهورية العربية السورية ولبنان لغرض الاستهلاك المحلي، وكذلك للأسواق غير المشروعة في المملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج؛ وذكر التقرير أنه لا تتوافر بيانات رسمية دقيقة عن الاتجار بالكبتاغون المزيَّف ولكن الضبطيات الكبيرة التي نشرتها وسائل الإعلام تعد مؤشراً على سعة نطاق الاتجار في المنطقة، وأن ذلك الانتشار الواسع للمخدرات في منطقة الشرق الأوسط يعزى لحالات انعدام الاستقرار السياسي والنزاعات التي لم تحل ومشاكل الفقر وانعدام الفرص الاقتصادية في بعض أنحاء المنطقة دون الإقليمية.
وقد تضمن التقرير السنوي للهيئة العامة للجمارك 2019 أنه قد تم ضبط ما يقارب (557) كيلوغراماً من المواد المخدرة، و(69) مليون حبة من الحبوب المخدرة، وقد حَرِصتُ على معرفة إجمالي ضبطيات المخدرات داخل المملكة من خلال التقرير السنوي للمديرية العامة لمكافحة المخدرات لعام 2019 ولكن للأسف لم أجد على صفحة المديرية في موقع وزارة الداخلية غير بعض الأخبار عن عدد من حالات الضبطيات الأخيرة التي لا تمثِّل إلا اليسير جداً من العمل الضخم لهذا الجهاز الأمني، فمن المؤكد أن كلا الجهازين الهيئة العامة للجمارك والمديرية العامة لمكافحة المخدرات يقومان بأعمال جليلة لحماية المجتمع من هذه الآفة المدمرة، ووجدت كذلك جهوداً مشكورة لضبطيات المواد والأقراص المخدرة التي قامت بها المديرية العامة لحرس الحدود، وقوة الأفواج الأمنية التابعة لوزارة الداخلية بالتنسيق والتعاون مع المديرية العامة لمكافحة المخدرات.
وعلى الرغم من ضخامة الضبطيات من المواد والأقراص المخدرة التي تحققها كل هذه الأجهزة الأمنية والجمركية إلا أن ضبط الكميات الكبيرة في داخل حدود المملكة يدل على قدرة المهربين على النفاذ بكميات أكبر دون اكتشافها سواء من خلال المنافذ الرسمية أو من خلال الحدود البرية والبحرية البعيدة عن المراقبة الدقيقة لنشاطات المهربين، الأمر الذي يشير إلى أن المهربين ما زالوا يرون أن المملكة سوق رائجة للمخدرات، ذلك على الرغم من أن نظام مكافحة الاتجار بالمواد المخدرة قد تضمن تغليظ عقوبة المهرب وعقوبة المروّج للمرة الثانية إلى القتل لما يسببه تهريب وترويج المخدرات من الفساد العظيم في المجتمع.
وقد لفت انتباهي عند البحث في هذا الموضوع استبشار بعض ما تُسمى بمنظمات حقوق الإنسان في الغرب ووسائل الإعلام التي تدور في فلكها التي اعتادت مهاجمة المملكة العربية السعودية تحت ذريعة حقوق الإنسان بما نشرته صحيفة الواشنطن بوست نقلاً عن مدير مكتبها في إسطنبول كريم فهيم تحت عنوان (السعودية تفكر في إلغاء عقوبة الإعدام في جرائم المخدرات) وعزا مصدره إلى مسؤول سعودي لم يذكر اسمه وإلى جماعات حقوقية ترصد عمليات الإعدام في البلاد، وذكرت الصحيفة أن المدافعين عن حقوق الإنسان سيرحبون بأي تخفيض في عمليات الإعدام ... إلخ ما جاء في هذا المنشور من أراجيف وأكاذيب ومقاصد خبيثة ليست مستغربة من هذه الصحيفة ومن يمثّلها في إسطنبول، إن يريدون إلا إفساداً لشبابنا وتدميراً لمجتمعنا.
قل موتوا بغيظكم فإن لدينا نظاماً سيادياً لمكافحة الاتجار بالمواد المخدرة روعي في صياغته الموازنة والاعتدال بين حقوق الإنسان «الفرد» وحقوق الإنسان «المجتمع»؛ ولدينا أجهزة ضبط يقظة محترفة، ولدينا شباب واع بالمخاطر المحدقة به، ومجتمع مؤمن بالله مدرك لرسالته الدينية الأممية وقيمه الأخلاقية.
أما قبل الختام فالشكر والثناء لله تعالى على توفيقه وامتنانه ثم لكم أنتم أبطال الجمارك السعودية، وأسود مكافحة المخدرات الأشاوس، ورجال حرس الحدود وقوات الأفواج الشجعان على يقظتكم وجهودكم الكبيرة، وعلى بسالتكم ودمائكم الزكية الطاهرة، فقد نلتم شرف حماية المجتمع، وحق على كل مواطن أن يقف إلى جانبكم وأن يدعو لكم بالثبات والتوفيق والقبول.
خاتمة للشاعر محسن الهفتاء:
لو من ورا هالسموم أمجاد وعلوّه
تشوفنا كلبونا من ضحاياها
حبلك من مرافق أهل المعصية طوّه
لو تقضي العمر وحداني بليااها