عمر إبراهيم الرشيد
قبل أيام فقدت الكويت والخليج والعرب أميرها الراحل الشيخ صباح الأحمد رحمه الله تعالى، وفي سلاسة وهدوء تسلم ولي العهد وفقه الله الشيخ نواف الأحمد مقاليد الحكم، دون صخب أو قلاقل أو تزييف.
تنظر دول الخليج للمملكة على أنها الشقيقة الكبرى وعمقها الاستراتيجي والتاريخي، وهذا ليس كلاماً مرسلاً ولا هو مجاملات دبلوماسية أو شعبية، فروابط الدم والثقافة والعادات والتقاليد الاجتماعية المشتركة مصداق لهذا، وبالطبع فإن الأسر الحاكمة أحد مكونات هذا النسيج، لذلك بقدر ما عزينا الكويت وأهلها في رحيل أميرها فإننا نسعد طبيعياً لهذا الانتقال السلس والهادئ والمنظم للسلطة مثلما حدث في عُمان التي تسلم مقاليد الحكم فيها مؤخراً السلطان هيثم بن طارق وفقه الله. وعند الحديث عن الكويت فإننا كسعوديين وخليجيين ينتابنا الفرح لدوام استقرارها وتنميتها، ونشعر بالقلق لأي حدث يعكر صفو هذا الاستقرار أو يهدده، لأننا امتداد لبعضنا بعضاً كما قلت وهذا يسري على أي دولة خليجية أو عربية. أما مجلس التعاون فهو الرابطة العربية الوحيدة والمستمرة منذ ما يقرب من أربعين عاماً مضت على هذا الكيان الذي يحسب له صموده برغم الأزمات التي شهدتها المنطقة ولا تزال، وعلى الرغم من انشقاق قطر عن هذا الكيان إلا أن الأمل ظل يلازم الخليجيين بتقوية هذا الكيان و دخول دوله في اتحاد يزيد في قوته ويحفظه، مكوناً ما يشبه دول الاتحاد الأوروبي من حيث القواسم المشتركة مع بقاء ما تحتفظ به كل دولة من مزايا ومكتسبات خاصة، وعلى الرغم مما يحيط بنا من حروب مشتعلة وتهديدات مستمرة وتآمر من هنا وهناك، إلا أن لدينا كدول وشعوب خليجية من عوامل الاتحاد ومحفزاته ما يمكننا منه.
قلت إن الانتقال السلس للحكم في الكويت وفي جميع دول مجلس التعاون إنما هو استمرار لتقاليد حكم راسخة، ارتضتها هذه الدول شعوباً وأسراً حاكمة فنالت الاستقرار والأمن والعلاقة الراسخة بين الحكام والشعوب ولله الحمد، انعكس هذا على الأمن والتنمية والرخاء، وكما قلت إن هذه هي مقاربة الحكم المستقر التي نشأت عليه هذه الدول. كما ارتضت دول الغرب وأمريكا ومن شابهها في نظام السلطة طريقة تداول السلطة التي أتت بعد حروب طاحنة وأنهار من الدماء، إلى أن وصلوا إلى مقاربة تناسبهم فساروا عليها، وهي ليست وليدة اختيار مباشر أو تدرج طبيعي وإنما نيران الحروب هي ما صهرت هذه التجربة وأعطتها شكلها الحالي. إن لدينا من الموارد والمكتسبات وعوامل الاستقرار والنماء والمزيد من التعاضد، بل والاتحاد، ما يفوق أي مجموعة دولية أخرى.