سام الغُباري
جاء تعيين الفريق «مطلق الأزيمع» قائداً لقوات التحالف العربي في مهمة تاريخية دقيقة، تبدأ عناوينها الأولى بتحقيق هزيمة ثقيلة لميليشيا الحوثي العنصرية تدفعهم إلى الاقتراب من عملية سلام شامل، إلا أن ذلك لن يتحقق ما لم يكن القائد مثقفًا عليمًا بدهاليز اليمن الخلفية، وعلاقة القبائل بالسلطة، وتأثيراتها في النسيج الاجتماعي، وتاريخ الصراع المتكرر بين تكتلات الإمامة الفاشية والقيادات الوطنية اليمنية.
قيل لي، والقول لقائد عسكري يمني رفيع، إن «الأزيمع» مثقف جاد، وصاحب رؤية واسعة مكنته من طرح آرائه المقدرة في ميزان القوات العسكرية بالمملكة العربية السعودية، قبل أن ينتقل إلى منصب نائب رئيس الأركان في مهمة تنفيذية ليست الأولى على مستوى سيرته الذاتية وخبراته المتراكمة، ومعرفته لطبيعة التكتيكات الإيرانية، فقد أوقفهم في «درع الجزيرة» وحزم سواحل الخليج بأيادٍ من فولاذ، ولم تكن اليمن ساحة حرب جديدة عليه، بل كان مسؤولاً عن عمليات عاصفة الحزم في انطلاقتها التاريخية الأولى.
يعرف السعوديون أن اليمن المستقر يعني خفضًا مباشرًا لمستوى التوتر في المنطقة، ولهذا تشكل صنعاء جوهر الحل، فلن يكون السلام دونها، لكن هل يقتنع الحوثيون بذلك ويسعون إلى حقن دمائهم قبل دماء اليمنيين؟
كان هذا سؤال السنوات الست الماضية، وله إجابة واحدة تعود إلى العام 2004م، إجابة تنزفها صعدة من كل وريد، وعند كل حجر وعلى سفح كل شجرة، حتى تكاد تصرخ في وجوهنا محذرة: لن يتوقف الحوثيون عن الحرب!.
فما الحل إذًا؟، مواجهتهم هو الخيار الصعب منذ اليوم الأول، لكنه خيار الضرورة، فبعد تيه القيادات اليمنية في زحام الخلافات المعقدة، وصل الحوثي إلى صنعاء على أكتافهم، وطردهم، ثم أقبل على وجه علي عبدالله صالح ليحفر في منتصفه مسافة من الألم والدم والذهول، ولم يتورع عن المباهاة بجريمته في كل قناة تلفزيونية وفي سطور كل خبر كتبه فرحًا بذلك اليوم الحزين.
ولم يكتفِ بهذا، بل أعلن أنه «رجل مقدس» يتلقى توجيهاته من مصدر سماوي غامض، ومجرد التشكيك في اتصاله المباشر مع الله تعالى يعني الكفر الذي يتبعه العقاب برصاصة نحاسية تنفجر في جمجمة من يستخف بشعوذاته المريرة.
ولم يكتفِ بذلك، بل زاد عليه أن أغرق أطفال اليمن بتحريف طائفي يقدس سلالته المنحرفة، ويحولهم إلى بندقية للإيجار، وفي كل شبر من أرض اليمن وزّع الحوثي بترف مُبالغ فيه ألغامه القاتلة، وحصد بصواريخه الحارقة أكباد النسوة وهدم بمتفجراته منازل الأحرار في كل بقعة وقرية ومدينة، واستولى على حقوق اليمنيين ووظائفهم، وبدأ فعليًا في تطبيق نظرية «الخمس» التي تعطيه وسلالته العنصرية حقًا في كل موارد اليمن واليمنيين.
عندما كتبت هذا المقال، كنت حائرًا لندرة ما كُتب عن الفريق الأزيمع في مواقع الويب، غير أني استمعت ممن تحدثوا إليه واجتمعوا معه وعرفوه، فكان انطباعهم طيبًا، وبهذا بدأت أولى الحروف علها تصل إليه فيلقى فيها صدق ما تحمله قلوبنا للمملكة العزيزة وقادتها الكبار، ووجهات نظرنا المخلصة لكل أعضاء قيادة التحالف بمن فيهم قيادتنا اليمنية العسكرية، أن كل ما مر من المعارك مع هذه الميليشيا الإرهابية، ليس كافيًا لوضع أي نقطة حبر على اتفاقية سلام أممية، فما دون صنعاء لن يكون إلا سلامًا هشًا يهدف منه الحوثي إلى ابتلاع الشرعية بالحيلة، بعد أن عجز عن هزيمتها بالمدافع المنهوبة والحشود الميتة.
كانت كل معركة تنتهي بالسلام معهم في صعدة تُسقِط بابًا من أبواب صنعاء، وعند انتهاء المعارك الست دون نتيجة كان الباب السادس قد سقط، وبقي باب اليمن مفتوحًا وعنيدًا حتى موعد الإغماءة السياسية والعسكرية التي طافت عقول القيادات يومذاك فأنهار في منتصف الليل، وسلب اللصوص مفتاح صنعاء، ولا يزال في أيديهم.
حين تعرف من هو الحوثي وكيف يفكر وماذا يريد، ستدرك أن طريقك إلى المفتاح لن يكون شاقًا، وهو ما لا نراه عسيرًا على قائد عسكري مثقف كالفريق «مطلق الأزيمع».
وإلى لقاء يتجدد
** **
- كاتب وصحافي من اليمن