محمد آل الشيخ
يبدو أن الفيروس الصيني القادم من الصين حل ضيفاً ثقيلاً على الرئيس ترامب في البيت الأبيض، ولم يكتف هذا الفيروس بخلط أوراق الرئيس ترامب الانتخابية فحسب، بل أبى هذا الفيروس الشرير إلا أن يتحدى كل التحصينات والاحتياطات، ويصيب الرجل الأول في البيت الأبيض وزوجته. قبل الفيروس كان الرئيس قد أحرز من الانتصارات، وبالذات على المستوى الاقتصادي، ما كان قد يُمكنه، وبسهولة، أن يكتسح أي مرشح ديمقراطي، غير أن تفشي الفيروس في الولايات المتحدة أصاب كما يقول المحللون تلك الإنجازات في مقتل، خاصة أن الرئيس ترامب أظهر في بداية الجائحة نوعاً من أنواع الاستهتار بهذا الفيروس وخطورته، ما جعل المرشحين الديمقراطيين، ومعهم وسائل الإعلام المنحازة لهم، ينتهزون الفرصة، ويشنعون بعدم تعامله مع الجائحة كما ينبغي.
هناك ثلاثة احتمالات متوقعة لمصير الحملة الانتخابات بعد إصابة الرئيس. أولها أن تكون هذه الإصابة سهلة وغير خطيرة وتمر مرور الكرام، الأمر الذي سيصب في مصلحة الرئيس، ويجعل الأمريكيين يتعاطفون معه، ولا سيما أنه هو من أعلن إصابته بشفافية وشجاعة، قبل أن تتسرب أنباؤها إلى وسائل الإعلام. الاحتمال الثاني أن تتفاقم الإصابة، ويضطر إلى الحجر مدة أطول من أربعة عشر يوماً، عندها لن يستطيع الرئيس ترامب أن يواصل حملته الانتخابية، وبالذات مناظرة المرشح الديمقراطي، التي يُعول عليها الرئيس ترامب ومناصروه آمالاً كبيرة في تقليص الفجوة بينه وبين الرئيس بايدن، والتي هي حتى الآن - كما تقول نتائج الاحصاءات - ترجح كفة الرئيس بايدن على ترامب. الاحتمال الثالث، وهو الأسوأ، أن تتطور حالته الصحية تطوراً خطيراً، وهو بالمناسبه أمر متوقع، لأنه الآن في منتصف السبعينيات، ومن كان في عمره تصبح إصابة بالفيروس الصيني خطيرة حسب ما يقوله الاختصاصيون والخبراء.
ومهما يكن الأمر فإن وضعاً معقداً كالوضع الصحي الذي يمر به الرئيس ترامب ليس له سابقة إطلاقاً في تاريخ الانتخابات الأمريكية، ولا أحد يستطيع أن يجزم بما ستنتهي إليه أي من هذه الاحتمالات، إلا على سبيل التكهنات، وخاصة أن الزمن الذي يفصلنا عن بداية هذه الانتخابات لا يتعدى شهر واحد. كما أن الاحتمالات الثلاث التي ذكرت يكتنفها أيضاً من التفاصيل ما يجعل رؤية مستقبل هذه الانتخابات ضبابية إلى درجة كبيرة.
ومهما يكن الأمر فإن الانتخابات الأمريكية هي شأن عالمي وليست شأناً محلياً، الأمر الذي انعكس على تشاؤم أسواق المال العالمية سلبياً فأدى إلى انخفاضها، وهذا يعني بمنطق الواقع وليس منطق التكهنات أن غياب ترامب يعني أنه شأن مقلق لدى أهم مؤشرات الاقتصاديات العالمية وهي أسواق المال، ومثل هذا المؤشر الحقيقي يعني أن بقاء ترامب هو بقاء ازدهار هذه الأسواق والعكس صحيح.
وأنا بكل صراحة ودون مواربة أتمنى من كل قلبي بقاء ترامب، لأن بقاءه هو بلا شك من مصلحة دول الاعتدال العربي، وتقييداً لطموحات إيران، تلك الدولة الإرهابية التي أعطاها اتفاق 5 + 1 شيكاً موقعاً على بياض لتعربد وتتوسع في منطقتنا كما تريد، ولاسيما أن تجربتنا مع الديمقراطيين، وخصوصاً الرئيس باراك أوباما تكاد أن تكون كارثية. والمرشح الديمقراطي الحالي وعد بإعادة الاتفاقية الإيرانية من جديد؛ صحيح أن هناك من العوامل التي طرأت على المشهد في المنطقة، ما يجعل من المتوقع أن تتغير بعض بنود الاتفاقية فيما لو أعيدت من جديد، لكننا، وعن تجربة، لا نثق بالتيار الديمقراطي من حيث المبدأ.
إلى اللقاء.