د. محمد عبدالله الخازم
تستضيف المملكة عن بعد قمة مجموعة العشرين في حدث عالمي مشهود، تنفرد به ضمن نخبة دول العالم. القمة ليست مجرد اجتماع لرؤساء الدول، بل هي عمل يستمر طيلة العام السابق للقمة للنقاش والتحضير لكثير من الملفات والتوصيات، يتضمن عشرات الندوات وورش العمل والتقارير والأوراق العلمية المتخصصة التي تغذي ورش العمل والندوات تلك. إضافة إلى ذلك فإن عقد القمة في بلادنا فرصة مواتية إعلامياً وتسويقياً لإبراز جهود المملكة على كافة الصعد والمستويات.
من أهم المجالات التي يحتفي بها العالم بعيداً عن أجندات السياسة وكذلك تهتم به رؤية المملكة 2030 هو قطاع الابتكار والبحث والتطوير.
الابتكار تقوده الجامعات ومراكز البحث العلمي فيها وأودية التقنية ومراكز البحث والتطوير الأخرى التي يقودها باحثون أغلبهم قدم من ردهات الأكاديميات. صدر قبل أسابيع تقرير الابتكار السنوي عن منظمة الحقوق الفكرية العالمية وجامعتي كورنيل وانسياد وقد تقدمت فيه المملكة مرتبتين عالميتين محتلة المركز 66 من بين 131 دولة عالمية. وفي التفصيل تقدمت المملكة في مؤشر مخرجات الابتكار بثماني مراتب وفي مؤشر المخرجات الإبداعية بسبع عشرة مرتبة وفي مؤشرات تطور الأسواق بثلاث مراتب وفي المؤسسات بمرتبتين. ووفقاً لمركز قياس الأداء يقيس المؤشر أداء الابتكار في الدول عبر مدخلات ومخرجات الابتكار، عن طريق تحديد متوسط مؤشرين فرعيين؛ هما: مؤشر مدخلات الابتكار الذي يقوم على خمس ركائز؛ تشمل: المؤسسات، ورأس المال البشري والبحوث، والبنية التحتية، وتطور الأسواق، وتطور الأعمال. ومؤشر مخرجات الابتكار الذي يتفرع إلى المخرجات المعرفية والتكنولوجية، والمخرجات الإبداعية. طبعاً لا ننسى بأن التقدم الرقمي يشكل جزءاً من الابتكار والمملكة تحتل المرتبة الأولى في التنافسية الرقمية على مستوى دول العشرين وحتماً ستعرض تجربتنا في هذا الشأن على بقية دول المجموعة.
وزارة التعليم وكجزء من أولويتها المتعلقة بإعداد القوى العاملة لم تغفل بأن الابتكار والبحث العلمي ركيزة أساسية في عمل أي جامعة تريد المنافسة عالمياً، بدليل إيجاد منصب نائب وزير التعليم لشؤون الجامعات والبحث العلمي والابتكار؛ الجامعات والابتكار والبحث لا تفترق. الابتكار يبدأ من المرحلة البحثية، وجامعاتنا هي المعنية في الأغلب بالبحوث الأساسية والأساسية المباشرة والتطبيقية. تلك هي مهمتها الرئيسة بجانب المهام الأخرى ووفق الدعم وتوفر البيئة المحفزة لكل جامعة يبرز جهدها.
هناك الجانب الذي يحاول البعض اختصار مفهوم الابتكار فيه، ألا وهو تطوير المنتجات، بشكل تجريبي ثم إنتاجي، التي أساس فكرتها المنتج البحثي، في الأغلب. ليست الجامعات لوحدها تقوم بهذا الجانب، فهناك مراكز ابتكار وتطوير تقني مهمتها البحث وتلقف الأفكار البحثية لتحويلها إلى منتجات. بعض الجامعات السعودية أسست ما يعرف بأودية أو شركات التقنية الجامعية، وهي تبذل جهدها مع ملاحظة أن تطوير المنتجات مكلف ويشكل مغامرات مادية، بالذات في مرحلته الأولى التجريبية، ويتطلب مهارات إنتاج وتسويق وغيرها وهو ربما ليس مكتملاً لدى الأودية المعرفية أو التقنية في جامعاتنا، نظراً لحداثة التجربة والخبرة.
مشوار الابتكار طويل، يحتاج الالتزام بخطة ورؤية ممتدة الأجل ليؤتي ثماره المطلوبة. نحتفي بما أنجز وننشد الأفضل، دائماً.