محمد سليمان العنقري
الأمر الملكي الكريم الذي يدخل حيز التنفيذ من بداية هذا الأسبوع، المتمثل بتطبيق تنظيم جديد، أُلغي بموجبه تطبيق ضريبة القيمة المضافة البالغة 15 % على التوريدات العقارية كافة، واستبدالها بضريبة التصرفات العقارية بنسبة 5 %، سيكون له أثر كبير في بوصلة تعاملات السوق العقارية. ويتركز الهدف الأساسي من هذا التغيير الجذري على دعم المواطنين لتملك السكن، وتيسير ذلك من خلال خفض جانب مهم من التكاليف، يتمثل بخفض الضريبة، ورفع مبلغ الإعفاء للمسكن الأول، إضافة لمنافع أخرى، وذلك بحسب ما أعلنت الهيئة العامة للزكاة والدخل التي من الواضح أنها استعدت لذلك تنظيميًّا وتقنيًّا بوضع التفاصيل كافة الموضحة لهذا النظام الجديد، وحددت آليات تنفيذه بما لا يسمح بأي تراكمات أو تخلف عن سداد هذه الضريبة، وبتيسير لطرق تسديدها وعدم إفراغ الصكوك إلا بعد أن يتم دفعها، وكذلك حددت الحالات المستثناة منها.
وبداية، فإن ضريبة التصرفات العقارية تُعرّف بأنها «أي تصرف قانوني ناقل لملكية العقار أو لحيازته، ومن ذلك على سبيل المثال: البيع، والهبة والوصية، والمقايضة والإجارة، والإيجار التمويلي، ونقل حصص في الشركات العقارية». وبهذا فقد حدد ما هي الحالات التي تشملها هذه الضريبة التي تطبق في العديد من الدول، وهي تهدف لتحقيق العديد من الأهداف؛ فهي تخفف التكاليف على المنتفعين من شراء العقارات، وخصوصًا المواطنين من الطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود، وذلك من خلال خفض الضريبة عما كانت سابقًا بنسبة نحو 70 %؛ فبدلاً من 15 % أصبحت 5 %، إضافة إلى أنه تم رفع مبلغ الإعفاء الذي تتحمله الدولة لهذه الضريبة من 850 ألف ريال إلى مليون ريال، وذلك لمن يشتري المسكن الأول. كما يضاف لها أنه في حال كان المسكن مبنيًّا من مطور عقاري مسجل نظامًا لدى الجهات المعنية بوزارة الإسكان، أي كمنشأة، فإنه سيمكن لها أن تطلب استرداد مبلغ ضريبة القيمة المضافة التي دُفعت على مواد البناء الداخلة في تشييد هذا العقار؛ وهو ما يعني خفض تكلفة إنشاء المساكن إذا كانت من منشآت تطوير مرخصة. أما البناء الفردي فهو غير معفي من ضريبة القيمة المضافة على المواد التي تستخدم في بناء المسكن. فمثل هذه التنظيمات ستعزز من نشاط العقار، وزيادة عدد الشركات المختصة بالتطوير العقاري؛ لأن لديها ميزة في تكاليف الإنشاء، تخفض من التكلفة، وهو ما يدعم تنظيم صناعة العقار، ويخفض من عشوائية التعامل مع مطورين أفراد؛ ما سيجعل أي مطور يتجه ليكون كيانًا منظمًا اعتباريًّا؛ وهو ما يقلل كثيرًا من إشكاليات سوق الإنشاء والثقة بما يطرح من مساكن من حيث التزامها بكود البناء السعودي. كما أن ضريبة التصرفات العقارية ستقلل من حجم التدوير بالقطاع، وبمعنى آخر المضاربات؛ إذ إنه في كل مرة يتم التصرف بها بالعقار سيتم دفع الضريبة، وهي غير مستردة، بينما حددت اللائحة الحالات المستثناة من الضريبة تفصيليًّا. علمًا بأن هذه الضريبة لا علاقة لها بتأجير المساكن التي تبقى معفاة من ضريبة القيمة المضافة، التي يستمر تطبيقها على التأجير للعقارات المخصصة للأعمال التجارية كالأسواق والمحال والمكاتب وغيرها.
وتسببت جائحة كورونا برفع ضريبة القيمة المضافة لرفع الإيرادات بعد أن تضررت اقتصادات العالم، وهبطت بأسعار النفط لمستويات متدنية؛ ما خفض الإيرادات منه. وهو العامل المؤثر بنسبة كبيرة في دخل الخزانة العامة. لكن حرص الدولة على تلمس احتياجات المواطنين، ودعم تملكهم السكن، وبعد صدور البيان التمهيدي للميزانية العامة الذي أعطى إشارات بالاتجاه لاستعادة النمو بالاقتصاد، يأتي التغيير الجذري في الضريبة بأحد أهم القطاعات الاقتصادية، وهو العقار؛ لتنشيط حركة الإنشاء والتطوير والتعاملات فيه بإلغاء ضريبة القيمة المضافة على التوريدات العقارية، واستبدالها بالضريبة الجديدة الأقل كلفة؛ وهو ما سيكون له أثر إيجابي، تستفيد منه الأطراف كافة في هذا السوق الضخم الذي إذا نشط يتحرك معه 120 نشاطًا مختلفًا؛ وهو ما ينعكس إيجابًا على النمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل.