د.عبدالعزيز العمر
لكل فرد منا ذات حقيقية تتحدد (قوة أوضعفاً) في ضوء صلته بالله، وبمستوى تعامله الإنساني مع الناس، وبمستوى علو همته، وعمق معرفته، وبمدى حبه الخير للآخرين. وفي مقابل هذه الذات الحقيقية للفرد هناك ذاته القشرية الظاهرية، وهذه الذات القشرية عند بعضهم قد لا تعبر إطلاقاً عن ذاته الحقيقية التي أشرنا إليها أعلاه، بل هي ذات مقنعة، تتلبسه عندما يشعر أن كونه وزيراً (مثلاً) أو وكيلاً أو مثقفاً أو بروفسوراً سيبرر له ظهوره أمام الناس بذاته القشرية منتفشاً متورماً، وهو سوف يحاول الحفاظ على ذاته القشرية بتوظيف أدوات مثل السيارة الفاخرة واللباس الأنيق والحكي الكبير- الهياط - (وتلك هي بعض مكونات الذات القشرية) ليحجب بها عيوب ذاته الحقيقية، حينها سيجد ذلك الفرد نفسه يعيش في غربة أو في عزلة عن ذاته الحقيقية، أي أن ذاته القشرية التي يتمظهر بها أمام الناس ستنفصل تماماً عن ذاته الحقيقية، ليعيش حينئذ حياة مزدوجة مؤلمة، بين ذات ظاهرية مقنعة يتجمل بها أمام الناس، وذات حقيقية معيبة يخفيها عن الناس، ولذا تجده يحافظ بقوة على ذاته الظاهرية القشرية ويلمعها ويرعاها، لكونه يعتقد أن هذه الذات الخارجية القشرية ستمكنه من إيهام نفسه وإيهام الناس بقدراته ومكانته العالية، فيفسحوا له الطريق نحو طموحاته الشخصية الضيقة عبر أقصر الطرق. وغالباً ما يظهر الانفصال بين الذات القشرية والذات الحقيقية عند أولئك المؤدلجين حد الإفراط سياسياً وعقائدياً، فهؤلاء لا يخاطبون الناس ولا يتعاملون معهم إلا من خلال ذاتهم القشرية الملمعة ظاهرياً الخاوية مضموناً، وهي ذات منفصلة تماماً عن ذواتهم الحقيقية التي يخفونها عن الناس.