محمد آل الشيخ
خيمة القذافي الشهيرة تحوّلت بامتياز إلى إحدى أهم محطات تاريخ منطقة الخليج. وحسب علمي أن ثمة أخباراً ومعلوماتٍ كثيرة متعلقة باجتماعات كثير من مسؤولي تلك الدول، وتحديداً المتعاملين مع دويلة قطر ما زالت تنتظر نشرها والإفصاح عنها. وفي رأيي أن المعارض القطري خالد الهيل ينتظر الوقت المناسب ليفجرها.
أهل قطر هم أكثر المهتمين بما كان يدور في تلك الخيمة، وللمعلومات التي تضمنتها هذه التسجيلات التي تقطع الشك باليقين أن (مقاطعة) دويلة قطر كانت مبررة، وأن القطريين، ومن يبيعون ذممهم ومبادئهم من عرب جماعة الإخوان، أو من يدورون في فلكهم، كانوا يعملون بكل الوسائل على (تفكيك) المملكة، وتحويل وحدتها إلى شظايا جغرافية صغيرة ومتناثرة، والسبب أن ثمة وهماً لديهم أن تفتيت المملكة يصب في مصلحة الدويلة ومعها طموحات الجماعة. تسريبات خيمة القذافي وضعتهم، ومعهم مستشاريهم، ومن يتولون التفكير عنهم، في (خانة اليك) فعلاً، وكشفتهم ليس لدول المقاطعة فحسب، وإنما لعقلاء قطر أيضاً، تلك المؤامرات العبثية الغبية والحمقاء، التي كان يمارسها مسؤولوهم، هي بيت القصيد ومربط الفرس الذي انتهى بهم إلى هذه العزلة والتهميش.
الشعب القطري بعد أن سمعوا ما تحتويه تلك التسجيلات، اكتنفهم الخجل وغشاهم العار، فهم أولاً وأخيراً عرب أقحاح، يعيبهم مثل هذه الممارسات، ولا يمكن أن يقروها؛ فبدؤوا يسألون السؤال نفسه الذي نسأله نحن أيضاً: ماذا يريدون؟..، ولماذا يضعون شعبهم في هذا الوضع التآمري والمخجل، الذي يستعصي على أي تبرير، أو يقود لأي مصلحة. ولأنهم لا يملكون إلا مجرد أحلام (دنكشوتية)، وطموحات لا تتكئ إلا على أوهام مريضة، اختلقوا (خرافة) أن دول المقاطعة وعلى رأسها المملكة تخطط لغزو قطر، وأنهم بهذه الممارسات كانوا يدافعون عن أنفسهم. ليثور السؤال: وما هي الدلائل على ذلك، وأين المعلومات التي تزعمون أنها استخباراتية؟.. فتبدأ الفبركة والسيناريوهات المختلقة والادعاءات، لكنها جميعاً بلا دليل ولا شواهد؛ في حين أن ما تملكه دول المقاطعة أدلة قاطعة لا يرقى إليها الشك، اعترفوا بها بأنفسهم.
حكام قطر في البداية كانوا يراهنون على أن دول المقاطعة لا بد وأن يختلفوا فيما بينهم، بالشكل الذي يضعف مقاطعتهم، ولحمتهم، خصوصاً أنهم كانوا يعتقدون أن قوتهم الناعمة، وعلى رأسها قناة الجزيرة كفيلة بتحقيق هذه المهمة، وإخراجهم من ورطتهم التي لم يكونوا يتوقعونها.
ومع مرور الوقت، ومرور السنوات، وفشل كل ما كانوا يتوهمون، أصبح مواطنوهم يتذمرون من العزلة، ويلحون عليهم لإخراجهم منها، التي أصبحت بمثابة (الشبك)، الذي يفصلهم عن عمقهم الجغرافي والاجتماعي، لاسيما وأن بين القطريين وشعوب دول المقاطعة روابط ووشائج وصلات قربى ونسب لا يمكن البتة تجاوزها.
لذلك فإنني أجزم أن (مسرحية غزو قطر) من قبل دول المقاطعة، كما يكررون في منصات إعلامهم، ليست سوى تبرير ليس موجهاً إلينا، وإنما موجه للداخل القطري، في محاولة لاهثة، أنهم بحماقاتهم تلك كانوا يدافعون مضطرين عن بلادهم.
وعلى أية حال فالدول لا تختار جيرانها، ونحن على يقين أنهم في قرارة أنفسهم يعضون أصابع الندم على ما كانوا له يخططون؛ وهم -اعترفوا أم لم يعترفوا- لم يتوقعوا هذا الحزم والعزم الذي لا يلين، ويزداد قوة مع مرور الأيام؛ غير أن المكابرة والعناد والتضحية بالمصالح، هي ما جعلهم يدخلون في هذا النفق.
بقي أن أقول -في هذا السياق- إن مشكلتهم العويصة لم تبدأ بعد، فالقوات التركية الجاثمة على أرضهم هي المأزق الذي ينتظرهم، فالأتراك سيبقون في أرضهم، ولن يخرجوا بسهولة، خاصة وهم يعلمون أن قطر كنز من ذهب، ولن يخرجوا منه إلا بأغلى الأثمان لاسيما وأن أردوغان حليفهم (البلطجي) يمر هذه الأيام بضائقة مالية وكساد اقتصادي، وليس أمامه إلا هذه الثروات التي سيغرف منها قدر ما يستطيع.
إلى اللقاء.