خالد بن عبدالكريم الجاسر
أحيانًا كثيرة، لا يجد الإنسان الكلمات التي يستطيع أن يعبر بها عن مكنون قلبه وما يدور بداخله من أحاسيس وتفاعلات، فعندما استقبلت الإنسانية، الخبر المفجع لوفاة أميرها، وأمير الخير صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، إثر مرض مُفاجئ راحلاً عن دنيانا، تاركاً لنا طيب عمله وحُسن سيرته القيادية، ونقاء سريرته العربية، وأجمل ذكريات الصداقة والأخوة العالمية، ومعه رمز الإخلاص والوفاء بين أقرانه من العظماء والقادة وبين إخوانه وجماعته، وعزاؤنا أنه ترك خير خلف، يسيرون على دربه، وينهجون وفاءه بدموع صامتة، وفي كل الأحوال يبقى الدعاء والتضرع إلى الله أن يتغمد برحمته الفقيد، فهو الملاذ والمخرج الوحيد من حالة الحُزن والأسى.
كان وقع الخبر مؤلماً علينا كسعوديين وعرب بل، مسلمين؛ فـ{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، فما لنا إلا قول الأديب: محمد بن عبدالله بن عثيمين -رحمه الله-:
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب
متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
نشاهد ذا عين اليقين حقيقة
عليه مضى طفل وكهل وأشيب
نعم إنه «شيخ الدبلوماسيين العرب»، تستقبله العروبة ووطنه السعودي، ويداه بيد أخيه سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -أطال الله عمره- وحفظ ولي عهده الأمين، مقربين له كل الصفاء وإخوة الأشقاء، ودين السلام والإسلام، لأن أعماله الصالحة من عبادة ودعوة وإصلاح بين الناس وتبرعات للفقراء والمساكين ومواساتهم والإحسان إليهم بكل بقاع الأرض، فالله أكبر لقد أتعبت من بعدك الإنسانية، تُخفي العمل حتى بعد الموت؟!، بمسيرة 65 عامًا من العطاء للكويت والعروبة والعالم، إنهُ رجل نادر، وأنها محبة من الله... فرحمك الله إنساناً وعظيماً، وتغمد اللهم عبدك ببر وإحسان وخير، وارفع منزلته في أعلى عليين، واخلفهُ في عقبه في الغابرين، وأن تجعلنا وإياه وجميع المسلمين مع نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في أعلى جنان الخلد، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، وقول أبي العلاء المعري:
يا موت زر إن الحياة مريرة
يا نفس جدي إن دهرك هازل