جابر بن محمد مدخلي
لم يكن البحر يوماً سداً منيعاً أمامه؛ لأنه البحر. كان سفينة مائية هائلة حملته لمرافئ آمنة كان منها: الشعر، والتأريخ، والسرد، والقصة، والحكايات الطويلة؛ فبنى بها جسراً جنوبياً خلف البحر، وعلى جزيرة، حتى غدا كحد فاصل إذا ما ذكرت فرسان جاء هو مفتاحها، وصوتها الخفاق.
الأديب إبراهيم مفتاح أديب مغدق، وبحر على حافة جزيرة، طالما حمله الموج فتصارعا وانتصر مفتاح بصرعه له ووصوله للبر آمناً مطمئناً معتمداً بعد الله على يقينه واعتقاده الثقافيين بأن الحياة نورها العلم، والكتابة.
وظل هذان المجدافان يحركانه ويحركهما مع كل رحلة من الجزيرة إلى البر، والعودة بذات الاتجاه.
ستون عاماً مضت والبحر صاحبه
للبحر يتركه ولا مفتاح يهجره
كلاهما صارع والموج شاهده
لكن همّته أبت إلا لتصرعه
حمل الجزيرة على عاتقه وفتح بقلوب أهلها الطيبة قلب الوطن الكبير في احتفالات كبيرة، ورمزية، وتاريخية.
كان همه الدائم أن يتحول البحر إلى طريق يبساً؛ ليرى كل من في الجزيرة حياة المدينة بسهولة، ويحملون منها أقواتهم بعيداً عن مخاطر البحر وعمقه، وظلامه الساحقين، ونجح بأدبه ولغته في جعل حلمه وحلم أهله حقيقة نصب الأعين في وطن لم يدخر جهوده في تحقيق ذلك.
إبراهيم مفتاح أديب معاصر، يحار القارئ المتابع لمسيرته وتجربته الغنية في تصنيفه فهو في الشعر البحر السابع عشر، وفي النثر لا حصر لأمواجه الهادئة وإبداعه المتعدد.