د. حسن بن فهد الهويمل
النقد الحديث يمارس التسلط في المشهد، ينفي ما لا يريد من الأشكال الإبداعية، ويقر ما يشاء، ويا ليته يَصدُر من رؤية واحدة، ويتصدره كفاءات نقدية معرفية، تزن الأمور بميزان الصدق. نقاد خرجوا من قعر التراث، وآخرون تجار شنطة، وعائدون من الشرق أو الغرب يتفاوتون معرفة، واستقلالية، ومصداقية، والمتلقي:- {في لجّة أمسك فلانا عن فلي..} لا يدري تحت أي راية يركض، كل ناقد أمة وحده.
التحول الأكثر صخباً وإثارة {الألسنية} المستمدة من {علم اللغة} في الغرب. {سوسير} الذي مضى تاركاً مذكرات مبعثرة جمعها طلابه، وصنعوا منه قامة نقدية لا تنازع، غيرت تلك المذكرات وجه النقد وعزز ذلك النقد الهروبي من الإلزام الماركسي عند {حلقة براغ}. الذي يعنيني تصدر النقد للولاية على المشهد الأدبي، وتوزيع الأحكام دون مراعاة للواقع الأدبي.
أهم حُكمين:
-الحكم باضمحلال سلطة الشعر.
-القطع بأن الزمن زمن الرواية.
وتلك أحكام استباقية، جائرة، لا يقرها الواقع.
{الحداثوية} الفكرية، الانقطاعية، توشحت بالمنهج اللغوي، وفرقت شمل المشهد الأدبي، وجنحت للرواية لأنها الأقدر على الطرح المتطرف. الرواية مطيّة موطأة الأكناف، ولاسيما أن الحداثوية دعمتها. مثلما أن الشعر موهبة، فالسرديات هي الأخرى موهبة، ولا مكان للإنشائية السردية.
الحداثوية أهملت أركانها واعتمدت على الإنشائية، المجاملة، والمداهنة، أعطت المبتدئين مساحة واسعة مكَّنتهم من تدمير السرديات الإبداعية.
نقاد لا يحترمون الموقفية، همهم تكثير سوادهم، يجاملون ويشايلون على حساب الفن الرفيع. (دور النشر) التجارية وجدت ضالتها، في هذا الفيض الرخيص، والمكتبات تسابقت على التسويق، وخداع العناوين على أشده.
- فهل ذهب سلطان الشعر..؟
- وهل الزمن زمن الرواية..؟
مغلطات أدارت الرؤوس، وأغثت النفوس..!