عبدالعزيز السماري
يقترب موعد الانتخابات الأمريكية في ظل توتر إعلامي على الساحة الأمريكية، وهي بالفعل انتخابات ليست كغيرها، فالصراع بين الطرفين في تصاعد، ووصل إلى تفاصيل وزوايا لم تصلها من قبل، وقد كانت أزمة كورونا مسرحاً للأحداث، فالقوى المتصارعة من جانب الحزب المنافس لا تريد أن تتوقف الأزمة، بينما يبحث الطرف الآخر عن باب للخروج منها، ولكنها بالتأكيد ستنتهي بعد آخر يوم من الانتخابات وإعلان الفائز..
الصراع الأمريكي الأمريكي وصل إلى ذروته، فقد انكسرت الشعرة، وتحولت إلى قضية كسر للعظم، لهذا ستكون انتخابات مختلفة، لكنها تظل داخلية بامتياز، برغم من مراقبة العالم لها، فالرئيس الحالي له أنصار وله معارضين في الخارج، وهناك من ينتظر رحيله إلى الأبد. والعكس صحيح.
لن يختلف الأمر كثيراً في المنطقة العربية، فالسياسة الأمريكية لا تختلف أو تتباين في الشرق العربي، لذلك لن تتأثر العلاقات العربية الأمريكية باختلاف الحزب أو الرئيس، فهي ثابتة، لكنها تظل دوماً في منطقة رمادية، فالولاء الأمريكي أولاً هو لإسرائيل، لكنها تحترم الدور السعودي في الاقتصاد العالمي، والذي يقوم على إستراتيجية ذكية لإدارة السوق العالمية للنفط.
ومهما تداخلت السياسية الأمريكية في الشؤون المحلية للدول العربية، فلن تنجح، لأنها بذلك تصب النار على الزيت، وهو ما حدث في العراق، وقد كانت تجربة مريرة، لذلك الوضع العربي لن يتأثر كثيراً بتغير الرئيس الأمريكي، لكنهم أي العرب يجب أن يدركوا قبل فوات الأوان أنهم يتمزقون كأمة حاضنة لتاريخ مجيد، وما لم تتفق الرؤى على أمن عربي موحد ضد الاختراق الخارجي من الدول المجاورة سيخسرون مزيدا من أراضيهم.
الاهتمام الأمريكي في الشرق الأوسط تدفعه مصالحها ومصالح إسرائيل، لذلك لا يتوقع الذين وقعوا اتفاقية سلام من أجل الأمن أو الاقتصاد أن تتغير حالهم كثيراً، فمصر والأردن لم يتجاوزوا أزماتهم الاقتصادية بعد، والسبب أن النجاح الاقتصادي والتنموي يأتي من الداخل، ومن إستراتيجية الإصرار على تجاوز الصعوبات المحلية، ولم تنجح الشراكة الاقتصادية مع الخارج في أي دولة عربية في الماضي القريب.
أثبتت أحداث التاريخ أن الولايات المتحدة الأمريكية تتخلى عن حلفائها في الشرق العربي عند أول نقطة تعارض مع مصالحها، أو إذا لم يعد هناك مصالح مشتركة، لذلك يخسر من يضع كل مفاتيح استقراره وأمنه في الملف الأمريكي، فالسياسة الأمريكية عالم متغير، ويتغير تماماً كل أربع أو ثمان سنوات، ولا يحتاج الأمر إلى دليل، فالتاريخ الحديث في الشرق العربي، وفي أمريكا الجنوبية وأفريقيا يكشف نقاط التحول.
أخيراً ستظل السعودية في مأمن من المواقف الأمريكية المتغيرة، فالاقتصاد السعودي له تأثير عالمي، ولا يمكن المخاطرة بهذا الموقف المؤثر والفعال للمملكة، وما نحتاجه هو تعزيز هذا الجانب، فمن خلاله نكسب، فالتأثير الإيجابي والتنموي داخلياً وخارجيا للاقتصاد يجعل من البلاد كالحصن الكبير الذي يصعب الدخول إليه من أي جانب..