سمر المقرن
العاصفة والبرق والرعد بكل قوتها غير قادرة على فك عقدة حبل، وكذلك الغضب الذي تضيع تحت أقدامه كل القيم والاعتبارات، فعندما يتكلم الشخص وهو غاضب يضيع عقله وتتوه حجته في غياهب جب الغضب للأبد، ويجعل نفسه أسيراً للعصبية. وقد قرأت بعض الدراسات العلمية بحثاً عن تفاسير لهذه الحالة الإنسانية السلبية، فوجدت أنه تم تقسيم أنواع الغضب إلى ثلاثة، الأول: هو غضب الاعتدال للدفاع عن النفس أو العرض أو المال أو الحقوق العامة أو لنصرة المظلوم وهي حالة محمودة. بينما النوع الثاني: يكون في التفريط وهو غضب غير مبرر رداً على أفعال بسيطة لا تتطلب مقابلتها بالغضب أو الخروج عن السيطرة وهو مذموم في الأرض وفي السماء. أما النوع الثالث فهو غضب الإفراط وهو من أكثر أنواع الغضب الشريرة التي تقود صاحبها ليس إلى الصراخ والاشتباك بالأيدي فحسب بل تسلمه أحياناً لارتكاب الجرائم ويقود عقل صاحبه للشيطان فيعيث في الأرض فساداً لا نظير له يهدم ولا يبني، يهد ولا يشيّد!
ويشترك مع الأنواع الثلاثة غضب من نوع آخر -كما أرى- وهو الغضب الداخلي الذي قد يخفيه الشخص لكنه بداية الشرارة لأقوى أنواع الغضب. من هنا أتصور مهم جداً أن يعي الإنسان حالته أولاً حتى يتمكن من السيطرة على هذه المشاعر السلبية، والتدريب على تلاشي مسببات الغضب، وإن كان لابد فمواجهته والوقوف أمامه وجهاً لوجه والذهاب بعيداً عن المكان الذي اشتعلت فيه نار الغضب، والقيام بأي نشاط آخر يحول الحالة السلبية إلى الإيجابية، وممارسة الاسترخاء والتأمل لتتوصل إلى معرفة سبب الغضب في هدوء لأن إدراكه هو أولى خطوات العلاج منه. حتى لا تمتلئ كتب الحياة بالأمراض المستعصية وصفحات الندم الذي يورث مشاكل جمّة، واستنزاف العواطف والمشاعر ما يتسبب في خسارة العلاقات مع الآخرين أوحتى فقدان الوظيفة ومصادر الرزق، ويورث الحزن الذي يدمي القلوب ويفقد الإنسان الطاقة الروحية التي تدفعه لإنجاز أي عمل يقوم به، بل إنه يمزق الأسر ويدمر البيوت ويقطع الأرحام ويشعل الفتن وربما تراق الدماء أيضاً، فالغضب هو مفتاح كل شر فلا يجب أن نغضب!