د. خيرية السقاف
إلى أين يا موج ومدُّك طال،
وجزْرك انحسر؟!..
والنورس يطل من شاهقٍ، أيحط على رفات سفن تشظَّت يوما
بعنفوانك؟
أو يتماهى محلقاً على امتداد البحر في انسياب
فسحته المترامية؟!..
كأنها الودَعَات على الشاطئ تتحاشى
أن تُغرِقها في الرمل..
أو كأنها دعسات أطفال شيَّدوا بيوتهم على حوافه
فقضضتَ أحلامَهم!..
أو كأنها أمنياتِ موغلين في الأسى بفألٍ تأتيهم بعبقها
نسماتُ البحر!..
أو كأنها فجائع فاقدين غيَّبتَ يا موج ضحكاتِهم،
وطمرتَ فوق خفقاتِهم!..
يا موج رويدك، عد إلى البحر عد،
هناك سفن تحلم بمراسٍ تؤوب
إليها، ..
هناك بحارة شغوفون بصيدٍ يعودون فيه
للجياع،..
هناك صيادون يقنصون لؤلؤ المحارات
لأجياد الحالمات!..
يا موج عد، تراجع عن مدِّك
فلا تُسقطُ أكواخاً فيها
حالمون،
ولا تُفني أحلاماً بناها
كادحون..
عد إليه، إلى البحر عد،
لا تغرق شجيرات تحت ظلها
أعشاش، ونسيم..
يا موج عد للبحر عد،
رمل الشواطئ لمستدفئين..
على حوافها مراسي قوارب كادحين،
مرافئها فنارات سفن مكافحين..
إلى أين، وأنت تتململ كي تتقد،
الشتاء آتٍ..
فإلى أين ستأخذُ الصقيعَ في مدِّك
يا موج؟!..
* * * * *
* * * * *
أعزَّتي:
اسمحوا لي عودتي للنهر..
هروبي عن جماجم الحجر، عن منابت الشوك، عن دويِّ الصخب..
عن بؤس الغوغاء، عن طمي المدِّ، وملوحة البحر..
لشغف الجذر..