فضل بن سعد البوعينين
عانت الوزارات عموماً، والخدمية منها على وجه الخصوص؛ ولعقود مضت، من غياب التنسيق والتكامل التنموي فيما بينها، ما أثر سلباً في مخرجات التنمية. أحسب أن إنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية أعاد هيكلة العلاقة بين الوزارات، على أسس من التكامل الحكومي؛ ووفق فلسفة فرق العمل، وبما يسهم في رفع كفاءة الأداء، وضبط التكاليف؛ والتحول من فلسفة الإدارة التقليدية إلى فلسفة إدارة القطاع الخاص؛ التي تعتمد الاستراتيجيات والأهداف والبرامج، والقياس، والشراكة كفريق عمل واحد يضمن التنسيق، والتكامل.
وعلى مستوى المناطق، جاءت هيئات التطوير لمعالجة بعض تحديات التنمية المرتبطة بالوزارات الخدمية، وإداراتها المعنية بتنفيذ المشروعات، بمعزل عن التنسيق والتكامل فيما بينها، لتكون مظلة شاملة تُعنى برسم السياسات العامة، وإعداد الدراسات والمخططات الاستراتيجية الشاملة للمنطقة وتحقق متطلبات التطوير الشامل للمشروعات المستهدفة، بدل تجزئتها وفق المرجعية الخدمية.
هيئة تطوير المنطقة الشرقية من الهيئات الرئيسة الهادفة إلى تحقيق التنمية المتوازنة في المنطقة، ووضع السياسات والاستراتيجية المحققة لذلك، واستثمار المقومات المتاحة، وتحقيق التكامل الأمثل بين الجهات الحكومية المختلفة لتعزيز مخرجات التنمية وتحقيق جودتها وكفاءة الإنفاق.
هناك تفاؤل بمستقبل التنمية في المنطقة الشرقية مع وجود الهيئة التي جعلت الشراكات النوعية مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص من أولوياتها، إضافة إلى منهجها العلمي الذي اعتمد على الدراسات الميدانية ومقارنتها بالواقع المعيش ومراجعتها بدقة لتحقيق الأهداف التنموية والاقتصادية حين التنفيذ؛ ومواءمتها مع مستهدفات وبرامج رؤية المملكة 2030، وقبل كل هذا الرؤية، التنموية والتكاملية، الحصيفة لسمو أمير المنطقة وسمو نائبه، وإصرارهما على تحقيق متطلبات التنمية المتوازنة، واستثمار المقومات، ودعم سموهما المطلق لرئاسة الهيئة التنفيذية، ومعرفتهما الدقيقة باحتياجات المنطقة ومحافظاتها والمقومات المتاحة لها.
شدد الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، أمير المنطقة الشرقية، ورئيس مجلس إدارة الهيئة؛ على أهمية «الاستثمار في المزايا النسبية للمنطقة الشرقية، والعمل على وضع رؤية استراتيجية لاستثمار مقوماتها، والعمل برؤية تكاملية، والسعي نحو توحيد الجهود لإيجاد قاعدة لاستدامة التنمية الشاملة والمتوازنة التي تشهدها المنطقة والمملكة عموماً». أجزم أن إنجاز استراتيجية التنمية هي قاعدة التطوير والبناء والتحول الاقتصادي، ومن خلالها يمكن تقسيم الأدوار وتحقيق التكامل الأمثل بين الجهات الحكومية المعنية بتنفيذها، إضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية وبما ينعكس على السكان. استدامة التنمية في حاجة لجهود مكثفة من الهيئة، وهو أمر يمكن تحقيقه بالنظر للإمكانات المتاحة ودعم القيادة التي وضعت التنمية الشاملة والمتوازنة هدفاً رئيساً لها، إضافة إلى تفهم الجهات ذات العلاقة إلى أهمية المشاركة والتكامل في تحقيق الأهداف الاستراتيجية، وأهمية تحقيق متطلبات «الرؤية».
موقع المنطقة الشرقية الاستراتيجي، وسواحلها الممتدة، وجزرها العذراء وثرواتها الطبيعية، واحتضانها لأهم القطاعات الصناعية؛ النفط، البتروكيماويات، والتعدين، والمنظومة اللوجستية المتقدمة، من المقومات التي يمكن أن تخلق تنوعاً إقتصادياً داعماً للمواطنين، وللتنمية الشاملة، وللاستدامة من خلال الاستثمارات النوعية. غير أن التنمية بأنواعها لا تخلو من التحديات والانعكاسات المجتمعية، وهو ما يؤكده الأمير أحمد بن فهد بن سلمان، نائب أمير المنطقة الشرقية، حين شدد على أهمية مراعاة الهيئة في مشروعاتها وبرامجها الأبعاد الاجتماعية والبيئية، وتفعيل الشراكة المجتمعية وتحقيق متطلبات العمل المؤسسي، والتواصل مع أصحاب العلاقة.
أختم بالتأكيد على أهمية الدراسات الميدانية، والاستراتيجية، والشراكات التي عقدتها الهيئة في سبيل تحقيق أهدافها التنموية، فبالإضافة إلى الجهات الحكومية، هناك أرامكو السعودية والهيئة الملكية بالجبيل وشركات القطاع الصناعي الكبرى، وفي مقدمها سابك ومعادن، التي ينتظر منهما مساهمة أكبر في التنمية الاقتصادية والمسؤولية المجتمعية تجاه بيئتها الحاضنة، وبرامج التطوير والبناء.