د.نايف الحمد
في فجر 24 سبتمبر استيقظ العالم على كارثة أخلاقية لم تعرف الرياضة في العالم لها مثيلاً.. وسائل الإعلام العالمية تناقلت بدهشة واستغراب خبر استبعاد الهلال من البطولة الآسيوية وتجريده من حقه في الدفاع عن لقبه بحجة إصابة لاعبيه بفايروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
كانت تلك الليلة عنوان للشموخ والفخر لأبناء الهلال، حيث أبى هذا البطل الانحناء وفضّل السقوط واقفًا!
فعلوا كل ما بوسعهم ليرمي البطل المنديل، فأبى! كبرياؤه وزعامته أبت عليه الاستسلام، بل قاتل حتى آخر جندي في صفوفه.. وفي ظل هذا الشموخ لم يجدوا ما يفلعونه، فقرروا التخلص منه بإبعاده في قرار يفتقد للإنسانية وللأخلاق في أعراف الأمم المتحضرة!
في تقديري أن قرار إبعاد الهلال لم يكن قرار الاتحاد الآسيوي وحده، فقد وجدوا لهم أعواناً! جهات متعدِّدة كان لمكرها أو تخاذلها أو صمتها سبب في استقواء الاتحاد القاري على بطلهم وحامل لوائهم وسلبه حقوقه في وضح النهار!
الجهة الأولى: هو الاتحاد الآسيوي نفسه الذي دأب على الترصد للهلال في مواقف عديدة آخرها ما حدث في الدوحة.. رغم أن العالم بأسره توقف بسبب الجائحة، وقد عدّل (فيفا) قوانينه بسببها، وتم تأجيل مباريات في عدة قارات ولم نسمع بمعاقبة الفرق المصابة، أما احتجاجهم بعدم تسجيل الهلال سوى 30 لاعباً فهو مضحك! فالمباريات التي تم تأجيلها على مستوى العالم لم يكن السبب فيه عدم وجود عدد كاف من اللاعبين لخوض المباريات! القضية إنسانية وأخلاقية، والتأجيل يتم مراعاة للظروف الصحية والنفسية ولضمان مبدأ العدالة في المنافسات الرياضية بين الفرق.
الجهة الثانية: هي الأيدي الخفية التي تعبث بهذا الاتحاد، سواءً كان ذلك عن طريق الدولة المستضيفة أو من خلال الضغوط التي تمارسها بعض الدول من أجل مصالحها. وقد أشار الأمير نواف بن محمد (وهو الرجل الخبير في أروقة الاتحاد الآسيوي ودهاليزه) إلى تجارب سابقة حدثت في بطولات ألعاب القوى مع المختبرات القطرية، في إشارة واضحة لمسألة انتشار الفايروس في بعثة الهلال وكيفيته. كذلك فيما يتعلق بالضغط على اللجنة المنظمة لاتخاذ قرار الإبعاد.
كما أشار رئيس الهلال السابق الأمير نواف بن سعد في تصريحات له أن هناك دولاً تتحكم بهذا الاتحاد وتملي عليه رغباتها.
الجهة الثالثة: الاتحاد السعودي والذي بكل أسف أن الشواهد تشير إلى أنه لم يقم بواجبه كما ينبغي، وقد يكون الاتحاد الآسيوي قد فهم الرسالة من خلال هذا التراخي وعدم الجدية في الدفاع عن موقف الهلال.
لقد ظهر أمين عام الاتحاد مبرراً لموقف الاتحاد الآسيوي وعدم إمكانية تأجيل المباريات.. فكيف لنا أن نتوقّع دفاعاً عن الهلال! كما أن الاتحاد نفسه لم يكن له أي ردة فعل تجاه ما تعرض له ممثله في البطولة.
وقد أشار الخبير الدكتور صالح بن ناصر إلى أن موقف الاتحاد السعودي يثير الشكوك بحسب تصريحاته لصحيفة الجزيرة!
في نهاية المطاف أعتقد أن هذه الحادثة يجب أن تغيِّر طريقة تفكيرنا في التعاطي مع الاتحاد الآسيوي.. القصة لا يجب أن يحكمها ميول، ونحن نتحدث عن دولة عظيمة، وولاة الأمر بذلوا الغالي والنفيس من أجل رفعة أبنائها، ولا يجب أن تضيع هذه الجهود لأسباب تافهة.. وكرة القدم أصبحت عنواناً للشعوب وقوة ناعمة غزت الدول بها العالم.. وقد بات من الضروري رسم إستراتيجيات واضحة وملف مكتمل تشرف عليه أعلى سلطة رياضية لنضمن وجودًا يعادل قيمتنا كأمة عظيمة.
نقطة آخر السطر
رسالتي لجماهير الهلال.. لا تقسوا على فريقكم البطل، فالأخطاء واردة من الجميع، أما هذه الإدارة وأجهزتها فقد قدمت للكيان أجمل الانتصارات، وبإمكانها تحقيق المزيد من الأمجاد -بإذن الله - فكونوا صفًا واحدًا مع الكيان حتى يعود الموج الأزرق إلى المدّ.. فيُغرق خصومه ويعانق عشاقه على شواطئ المنصات.