د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تسعون عاماً منذ لحظة التأسيس الأولى، تضافرت الهمم وأثمرت عن انجازات متتالية ولا تزال، وطن الرؤى منذ أن أسس الملك عبدالعزيز وتعاهد أبناؤه المخلصون من بعده حتى باتت السعودية ضمن أقوى 20 اقتصاداً، فضلاً عن ثقلها الإسلامي والعربي والدولي.
تضاعف الاقتصاد السعودي بنحو 5.4 مرة خلال خمسة عقود منذ عام 1970، حيث بلغت قيمته 2.64 تريليون ريال في نهاية 2019، ولكن أدركت الدولة أن بسبب اعتماد الاقتصاد السعودي على دخل وحيد وهو النفط ينتج عنه انكماش اقتصادي عند تذبذب أسعار النفط، حقق الاقتصاد السعودي أعلى معدلات انكماش في عامي 1982 و1983 بنسبة -20.7 ونسبة -16.1 في المائة على الترتيب، أي أنه نما الناتج المحلي خلال 35 عاماً، بينما انكمش في 14 عاماً ما يعني أنه اقتصاد غير مستدام يشوبه خلل هيكلي.
شهدت السعودية عهد الرؤية 2016 على يد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز أدى إلى تسارع في الإصلاحات الهيكلية للتحول من دولة ريعية إلى دولة منتجة، ما جعلها تعتمد مجموعة من المبادئ لوضع سياسات الاستثمار بما في ذلك حمايته واستدامته في إطار من الشفافية التي تتوافق مع مبادئ وسياسات المنظمات العالمية، وتبني أفضل الممارسات الدولية السبيل الأكثر أهمية في تذليل العوائق لدخول المستثمرين التي ساوت بين المستثمر الأجنبي والسعودي في تقديم الحوافز التي تهدف إلى تحسين البيئة الاستثمارية لتعزيز التنويع الاقتصادي.
واستنادا إلى بيانات مؤسسة النقد السعودي ( ساما) فإن حجم الاستثمارات الأجنبية تجاوزت بنهاية 2019 نحو 1.8 تريليون ريال (485.2 مليار دولار) مسجلة نمواً بنحو 60 في المائة عما كانت عليه قبل استحداث الرؤية في 2015، بل شهد عام 2019 اجتذاب نحو 1100 مشروع بنمو 49 في المائة عن عام 2018.
تركز السعودية على الاستثمار الأجنبي في تنويع اقتصاداتها بسبب قدرته على نقل التكنولوجيا، مستثمرة الاستقرار الاقتصادي الذي تتمتع به السعودية باعتباره مرتكزًا أساسيًا في جذب الاستثمارات، بجانب توفر بنية تحتية قوية لا تتوافر في دول عدة، وسعر صرف ثابت، بجانب تمتعها بسوق محلية ضخمة وقوة شرائية عالية، وتمتعها بموقع لوجستي متوسط وقريب من إفريقيا وجنوب شرق آسيا وأوربا، أي أنها تقع في قلب منطقة الشرق الأوسط والعالم.
كما يعود النمو الكبير في الاستثمارات الأجنبية إلى نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الأسهم والسندات وحقوق الملكية حيث بلغت نحو 886.4 مليار ريال بنسبة 48.7 في المائة من حجم الاستثمارات الأجنبية بعدما اتجهت الدولة نحو تحسين فرص عديدة من الأوعية الاستثمارية والقيام بالعديد من الإصلاحات في سوق الأسهم منذ عام 2015 عندما سمحت للمستثمرين الأجانب المؤهلين بشراء الأسهم المحلية مباشرة، تلك الإصلاحات مكنت من إدراج سوق الأسهم السعودي في أهم المؤشرات العالمية للأسواق الناشئة مثل إم إس سي آي وفوتسي راسل وإس آند بي داو جونز.
** **
- أستاذ بجامعة أم القرى بمكة