صيغة الشمري
خلال فترة بسيطة من عمر الزمن نتذكر الكثير من الإعلانات التي تقدمها بعض الشركات التجارية أو العامة، يتم نشر إعلان لها وحذفه بعد فترة زمن بسيطة بعد أن يجد أصداء سلبية، تصل لبعض الأحايين لعمل «هاشتاق» ينتقد بشدة هذا الإعلان. شركات عالمية كبرى، رأس مالها بمليارات الدولارات، نجدها فجأة وقعت ضحية إعلان لها، قدمته لتحسين صورتها، وزيادة مبيعاتها، فينقلب وبالاً عليها، ويسيء لصورتها، ويتسبب بخسائر مادية ومعنوية فادحة جدًّا.
كثرة الإعلانات المحذوفة تدل على أن اللعبة الإعلامية، سواء فيما يخص التسويق أو بناء الصورة الذهنية، قد تغيرت بعد دخول وسائل الإعلام الجديد حيث سرعة وصول ردة الفعل لكل فرد؛ وهو ما يجعلها تؤثر بشكل مباشر، سواء سلبًا أو إيجابًا. وكم من ردة فعل لشخص واحد، جرفت خلفها ملايين من ردود الأفعال. الشركات الكبرى التي وقعت ضحية لهذا النوع من الأخطاء لم تستفد من الهدف الذي من أجله تم خلق إدارة الاتصال المؤسسي التي تتولى مهمة صنع الرسالة التي تصل للجمهور مهما كان نوعها، وهي المسؤولة الأولى عن إنشاء محتوى الدعاية التي ستقوم الشركة بنشره، وعدم تركها لشركة الدعاية المتعاقدة مع الشركة؛ لأن أغلب شركات الدعاية والإعلان التي تقوم بعمل الدعايات للشركات غير خبيرة بما فيه الكفاية بأدوات الاتصال المؤسسي، وتنحصر قوتها في الدعاية والإعلان، وربما العلاقات العامة، أي إنها ما زالت تنتهج أسلوب المدرسة القديمة في إنشاء الإعلانات. كذلك ضعف تأهيل الذي يقود الاتصال المؤسسي في المنشأة يجعله يعتمد نشر الإعلان معتمدًا على قوة شركة الدعاية، غير مستفيد من أخطاء سابقة لشركات منافسة وقعت في الخطأ الفادح نفسه الذي أجبرها على حذف الإعلان والاعتذار للجمهور. كثير من الإعلانات التي تم حذفها تستغرب كيف تم اعتماد نشرها كون الأخطاء فيها واضحة، ولا تحتاج لجهد كبير في كشف أنها ستنقلب للضد، وستتسبب في رأي عام غاضب. حان الوقت لتهتم الشركات باختيار قادة اتصال مؤسسي يفهمون الرأي العام، ويستطيعون معرفة التعامل معه كإنسان وليس كزبون؛ لأن جميع المفاهيم القديمة لمدارس الدعاية والإعلان قد تغيرت تمامًا، ولم يعد لشركاتها الكبرى أي قيمة؛ والدليل هذه الأخطاء الكارثية التي تتكرر بين فترة وأخرى!