محمد سليمان العنقري
لم تكن التنمية في المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله شعاراً بل ركيزة أساسية راسخة في مفاهيمها وخطط متواصلة على مر العقود التسعة الماضية فالنهوض بالوطن إلى ما وصل له لم يتوقف وكانت أفعالا وليست أقوالا واستمر على نهجه طيب الله ثراه أبناؤه من بعده فالتنمية البشرية كانت ركيزة مشروع تنمية ونهضة الوطن ومازالت ودليل ذلك التطورات الضخمة التي حدثت بقطاعي التعليم والصحة العامة بالإضافة لكافة الخدمات التي تخدم تحسين جودة الحياة ورفاهية الإنسان وقد نما حجم الناتج الإجمالي للاقتصاد الوطني مئات المرات حتى وقتنا الحاضر حيث باتت المملكة عضواً في مجموعة العشرين التي تمثل أكبر اقتصادات العالم.
فعقود التنمية التسعة نقلت المملكة لتكون في مقدمة الدول التي حققت نجاحات كبيرة في التنمية البشرية فمن متوسط أعمار يقارب الخمسين عاماً وصل المتوسط حالياً إلى 75 عاماً بعد التطور الضخم بالخدمات الصحية وارتفاع مستوى الرفاهية وتزامن ذلك مع ارتفاع مستوى التعليم وانتشاره بكافة المناطق لتصبح الأمية عند مستويات منخفضة جداً أقل من 5 % بعد أن كانت عند 60 % قبل حوالي ستة عقود حيث أقر بوقتها التعليم النظامي في العام 1374 هجرية إذ تنتشر أكثر من 30 جامعة حالياً بكافة مناطق المملكة بالإضافة لعشرات المعاهد والكليات التقنية وعشرات الآلاف من المدارس فالإنفاق على التعليم يصل بالمتوسط لقرابة 25 % من الموازنة العامة على مدى السنوات الماضية فبناء الإنسان هو رأس المال الحقيقي الذي سعت المملكة لتنميته عبر كل خطط التنمية التسعة السابقة والتي بدأت في العام 1970 م وصولا لاعتماد رؤية المملكة 2030 قبل أربعة أعوام التي تمثل انطلاقة جديدة في التنمية تماشياً مع معطيات القرن الحالي.
فالمملكة تنطلق في عقدها العاشر لمرحلة مختلفة في توجهاتها الاقتصادية لتواكب عصر الذكاء الاصطناعي من خلال توجهات جديدة في خططها للتعليم والتأهيل وكذلك في مشاريعها الإستراتيجة التي تستهدف النهوض بقطاعات جديدة وأخرى قائمة ترغب بالتوسع بها وتبني الحواضن لها كمشروع مدينة نيوم بالإضافة للمشاريع السياحية واللوجستية والنهوص بالصناعات التعدينية وجذب الاستثمارات بقصد توطين التقنية ورفع نسبة المحتوى المحلي فالمملكة تدرك التحديات القادمة والتي تتطلب زيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد والاستفادة من الميزة النسبية لكل منطقة بالمملكة وكذلك التوسع قطاعياً في المجالات التي يمكن لها المنافسة بها معتمدة على إنجازات ضخمة تحققت عبر العقود السابقة من خلال إنشاء بنية تحتية واسعة حيث يوجد تسعة موانئ بالإضافة لأكثر من 25 مطاراً دولياً ومحلياً وقرابة مائة ألف كيلو متر من الطرق ومئات المستشفيات وكذلك عدد ضخم من المدن الصناعية بكافة المناطق بالإضافة للمدن الصناعية الكبيرة الجبيل وينبع ورأس الخير وكذلك مدينة الملك سلمان للطاقة.
تدخل المملكة العقد العاشر بثقة وإمكانيات هائلة وخارطة طريق لتنمية مستدامة متمثلة برؤية 2030 وبمكانة دولية كبيرة على كافة الأصعدة في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله ذخراً لوطننا الغالي وللأمة العربية والإسلامية.