اللواء الركن م. سلامة بن هذال بن سعيدان
وعن طريق محور الممانعة وجدت إيران طريقها للمتاجرة بالقضية الفلسطينية، مستغلة رفع الشعارات وإطلاق التهديدات المناصرة للقضية، وهي أبعد ما تكون عن ذلك، كما استغلت الأقليات الشيعية في تصدير ثورتها والترويج لفكرتها، محولة الهلال الشيعي إلى دائرة شيعية بعد ظهور الحركة الحوثية في اليمن، حيث شكلت هذه الأقليات أذرعاً لها في المنطقة العربية تديرها كيفما تشاء ومتى تشاء.
وانضمام حركتي حماس والجهاد لمحور إيران الممانع أضفى على سياساتها طابعاً إسلامياً يتجاوز المكون الشيعي إلى المكون السني، فضلاً عن أن ذلك وفر غطاءً لمتاجرتها ومزايداتها، وأعطاها شيئاً من المصداقية بالنسبة للسذج والمغرر بهم، كما أن ما تدعيه لنفسها من شرف الممانعة أتاح لها بناء قوتها العسكرية وتطوير مشروعها الصاروخي والنووي في منأى عن العنف الذي تمارسه أذرعها بالوكالة في الدول المستهدفة.
وظاهر الممانعة يوحي بأنه ضد إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وحقيقتها تهدف إلى المتاجرة بالقضية واستغلالها لتدمير الدول العربية وتمزيق أوطانها وجعلها تابعة لنظام ولاية الفقيه بعد العبث بهوية كل دولة من داخلها وتغيير ديموغرافية شعبها على أساس طائفي بغيض، وتفكير رافضي مريض، بما يخدم الصفوية الفارسية ويتسق مع تصدير الثورة نحو تحقيق أهدافها وأطماعها وتطلعاتها البعيدة، كما هو الحال -حالياً- في العراق وسوريا ولبنان واليمن. ومما يفنِّد مزاعم إيران فيما تروجه حول معاداة إسرائيل أنه لم يثبت في يوم من الأيام ما يؤكد هذه العداوة باستثناء إطلاق الشعارات الخادعة والخطابات الفارغة التي لا قيمة لها، ولم تمنعها هذه الشعارات المعادية والخطابات المناوئة من التعاون سراً مع إسرائيل أثناء الحرب العراقية- الإيرانية، ومقايضة الأسلحة الإسرائيلية بالنفط الإيراني، بالإضافة إلى أنها بمعاداة العرب قدمت خدمة لإسرائيل لا يدانيها خدمة، ناهيك عن أنها جعلت نفسها العدو الأول للعرب بدلاً من إسرائيل.
ولكن حتى يستقيم معنى الممانعة بالنسبة لإيران ومحورها كان لا بد من وجود قضية ذات شأن تستند إليها عندئذ لم تجد أنسب وأفضل من جعل القضية الفلسطينية قضية لها زوراً وبهتاناً، باعتبار ذلك حقاً أرادت به باطلاً، مستفيدة من المكون الشيعي الذي امتطته لنشر التشيع في المنطقة، وإثارة الفتن فيها للهيمنة عليها من خلال أذرعها ووكلائها.
وعلى صعيد ادعاء هذا المحور مناصرته للشعوب المظلومة والأقليات المحرومة، فقد كشفت قضية الشعب السوري سوأته وشوهت صورته ولوثت سمعته حيث إن كل الذين كانت تخدعهم الشعارات وتنطلي عليهم المزايدات أدركوا -مؤخراً- حقيقة هذا المحور بعد سقوطه في مستنقع مناصرته لنظام الأسد ضد مطالب الشعب السوري الذي أراد الحرية والكرامة ففقد الأمن والسلامة بسبب تكالب قوى الشر ضده من كل حدب وصوب.
والمواقف المعيبة والممارسات المريبة لهذا المحور لم تكن جديدة ولا غريبة، ولكن موقفه تجاه الشعب السوري كان واضحاً وفاضحاً على النحو الذي دل على ما خفي من مؤامراته وزيف شعاراته وخبث ممارساته إلى الحد الذي تهاوت فيه الحجج وسقطت فيه الذرائع التي كان يلجأ إليها المدافعون عنه من أولئك الذين يعانون من عمى الأبصار وعمه البصائر.
أما المتاجر بالقضية من أهلها الذي يتحالف مع المتآمر عليها، فبين النظام التركي الذي يلعب على ورقة تنظيم الإخوان ويعيش مع الحلم الغابر وبين نظام الملالي الذي يعزف على أوتار المذهبية والثأر القديم، متفقاً مع نظيره التركي في معاداة العرب والمطامع الجيوسياسية وحب الهيمنة ومختلفاً عنه من حيث المذهبية وكثرة الوكلاء الذين يأتمرون بأمره وما يعنيه ذلك من خبث مآربه وانتشار عقاربه.
وعندما تُستثمر القضية بصورة فاشلة، ويتاجر بها من قبل أهلها وبعض النظم العربية الفاسدة، فلا تستغرب المتاجرة بها من قبل المتآمرين عليها وعلى الأمة العربية، انطلاقاً من أن المال السائب يعلم السرقة، كما هو الحال بالنسبة لنظام الملالي والنظام التركي اللذين يحاول كل منهما تمرير أهدافه عن طريق المتاجرة بالصراع مع إسرائيل في الوقت الذي يتسابقان على مغازلتها والتعامل معها في الخفاء والاتفاق معها على المطامع الجيوسياسية والأهداف الاستراتيجية على حساب الوطن العربي والأمة العربية المغلوبة على أمرها والمتخلفة عن عصرها.