م. خالد إبراهيم الحجي
إن التنمية المستدامة هدف رئيس لجميع دول العالم، وبحسب معهد إليونسكو للإحصاء (UIS) وصلت معدلات الإنفاق على التنمية المستدامة إلى مستوى قياسي بلغ 1.7 تريليون دولار أمريكي تقريباً. وحوالي 10 دول تمثل 80 % من هذا الإنفاق، كجزء من أهداف التنمية المستدامة. وقد تعهدت الدول بزيادة الإنفاق الخاص والعام في مجالات البحوث العلمية التطبيقية التي تمثل المحرك الرئيس للتنمية المستدامة، وكذلك زيادة عدد الباحثين بحلول عام 2030م.. والمعهد نفسه يراقب التقدم العالمي في مجالات التنمية المستدامة، ويُقيِّم بشكل منتظم التزام الدول المتعهدة من خلال مراقبة حجم إنفاقها على البحوث العلمية التطبيقية، والموارد البشرية المتاحة لها، وتفيد بياناته المنشورة عبر موقعه على الإنترنت أن المراكز الثلاثة الأولى في الإنفاق ترتيبها على مستوى العالم كالتالي: الأول: كوريا الجنوبية بإنفاق قدره 73 مليون دولار في السنة يمثل نسبة 4.3 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، ولديها 6826 باحثًا لكل مليون فرد من السكان.. الثاني: إسرائيل في المركز الثاني بإنفاق قدره 12 مليون دولار في السنة يمثل نسبة 4.2 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، وعدد الباحثين غير متوفر.. الثالث: اليابان بإنفاق قدره 170 مليون دولار في السنة يمثل نسبة 3.4 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، ولديها 5328 باحثًا لكل مليون فرد من السكان.. وعلى مستوى العالم العربي المراكز الثلاثة الأولى كالتالي: الأول: المملكة العربية السعودية بإنفاق قدره 13 مليون دولار في السنة يمثل نسبة 0.8 من المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، وعدد الباحثين غير متوفر.. الثاني: الإمارات العربية المتحدة بإنفاق قدره 4 ملايين دولار يمثل نسبة 0.7 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، وعدد الباحثين غير متوفر.. الثالث: تونس بإنفاق قدره 800 ألف دولار يمثل نسبة 0.7 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، ولديها 1814 باحثًا لكل مليون فرد من السكان.. والموجة الجديدة من الابتكار شرسة، ويتجلى ذلك من خلال التقدم السريع في مجالات عديدة، وفي مقدمتها وعلى رأسها 9 تقنيات رئيسة، بما في ذلك الأمن السيبراني، والحوسبة السحابية، و تحليلات البيانات الضخمة، وإنترنت الأشياء، والطباعة الثلاثية الأبعاد، والتكنولوجيا الحيوية البيولوجية، والروبوتات، وتخزين الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي. لذلك فإن نسبة ما تنفقه الدولن ناتجها المحلي الإجمالي على البحوث العلمية التطبيقية يعكس مستواها في العلوم والتكنولوجيا. وفي هذا السياق، نحتاج إلى نموذج نمو مستدام جديد قادر على معالجة ورعاية انتقال النظم الاجتماعية والاقتصادية الرئيسة في اقتصادنا (الطاقة، والنقل والتنقل، والصحة، وما إلى ذلك) التي ستوفر الرخاء والوظائف في العقود القادمة، مما يقودنا إلى الحديث عن لؤلؤة التنمية المستدامة (نيوم) كنموذج فريد من نوعه: المدينة الذكية المتكاملة التي تتجاوز الحدود في عالم مستوحى من الخيال؛ مدينة تقدم فرصاً استثمارية لا مثيل لها في جميع القطاعات الاقتصادية، مُعجِّلة ومُسرِّعة للتقدم البشري.. يتم بناؤها من الألف إلى الياء كمختبر حي؛ وبيئة مثالية تمكن أحسن العقول، وأفضل المواهب لتجسيد الأفكار الرائدة، ومدينة مليئة بالتقنيات العالية، وتُميزها سمة رئيسة هي القدرة على الابتكار، ومكاناً ترسم فيه ريادة الأعمال مسار مستقبل جديد، وسوقاً حراً متقدماً للغاية، يعتمد بشكل أساسي على الاقتصاد القائم على المعرفة، تتوفر فيه مجموعة واسعة من الفرص الاستثمارية للمستثمرين، على الصعيدين المحلي والخارجي، وتهيئ لهم المستوى المعيشي الذي يفوق المستوى المعيشي في العديد من الدول الغربية، والبنية التحتية الحديثة مقومات الرفاهية العلمية والبحثية المتطورة، وقطاع التقنية العالي؛ وبالتالي تتيح للاقتصاد السعودي المتقدم مزيداً من النمو والازدهار بشكل تنافسي على قدم المساواة مع وادي السيليكون..
إن استهداف «نيوم» للرأسمال الفكري الأصلي والمرن والإبداعي، جنباً إلى جنب مع المعرفة الواسعة متعددة التخصصات، والروح الريادية ستقود الأجيال السعودية الواعدة بنجاح إلى الازدهار المستقبلي. هذا الازدهار لن يعتمد فقط على شهرة التطور السعودي المتسارع في الصناعات فائقة التقنية، ولكن أيضًا على قدرة الارتقاء بالصناعات التقليدية إلى الصناعات ذات الأنظمة التكنولوجية المتقدمة من الأتمتة والمكننة. وجذب شركات متعددة الجنسيات عالية التقنية لبناء منشآت بحوث علمية تطبيقية والتطوير التكنولوجي خارج دول المنشأ في «نيوم» أرض المستقبل..
الخلاصة:
إن تطوير العلوم التطبيقية والتكنولوجيا الفائقة قوة علمية واقتصادية للمملكة.