بداية، كل عام وأنتم قرّائي الكرام والقارئات الفضليات بكل خير. كل عام ووطني يرفل في عباءة خضراء. كل عام ومليكي وحبيبي بألف خير. كل عام وولي عهدي، ذلك الشاب الطموح، بصحة وعافية وكل الخير يا رب.
حين اخترتُ (السعلي) نموذجًا فبسبب ما دار بيني وبين ابنتي همس في حديث عابر، ولكن خلّفه الكثير من الذكريات المؤلمة والسعيدة في آنٍ واحد.. فجأة قفزت همس أمام ناظري متسائلة:
- أبي أليست الأم وطنًا؟
قلت لها:
- نعم بُنيتي الحلوة.
فأردفت والدمع غازل وجنتيها الحمراوين بسؤال أصعب:
- طيب، الآن أمي ذهبت وطارت بجناحيها إلى السماء كالملائكة، فكيف أحتفل بالوطن وأمي غادرتنا؟
هنا يا سادة يا كِرام تخثّر الحرفُ في بوابة الكلام.
هي مجرّد ثوانٍ من التفكير، لكنها كالساعات. لملمتُ بعضي، شتات أفكاري، تركت لدمعي الإجابة، ولوجهي الابتسامة. احتضنتها. أدخلْتُ أصابعي في شَعْرِها كما تفعل والدتها، وقلت لها:
- ما رأيك أن أكتب كلمات لوطني وأنتِ تأتين باللحن؟
قالت على الفور:
- موافقة يا أبي بالعشرة.
ضحكنا كثيرًا، واحتفلنا بوطننا الغالي وبحكّامنا على طريقتنا. رقصت وهي تغنّي ودمعي يسابق فرحي:
يا عطر عمري حكامها
يا نور قلبي سلمانها
كسب عفيفٌ
حُلم جميلٌ
سطرُ العلامةِ
قلبٌ رحييبيييم
......
محمد عنوانها
محمد أرسى بها
رجلٌ حكيمٌ
حرفٌ سليمٌ
لسموّهِ
فجرٌ مجيييييد
......
يا موطني وجبالها
يا موطني وسنامها
ماءٌ غزيرٌ
نهرٌ وفيرٌ
بحرُ السلامةِ
عمرٌ مديد
حين أبصرت في عيني أولادي وبناتي، خاصّة همس، خاصة أن سؤالها عن وطنها وأمها - رحمها الله - قد تجاوزته وهي تغني بسعادة، وترقص مختالة، عرفت وقتها أن الوطن لا يمكن أن يموت من قلوب محبيه لأن #الوطن_يجمعنا..
كل عام يا وطني الحبيب وأنت شامخ بين الدول، عاطر بين الأمم، صامد في وجه كل عدو..
** **
- علي الزهراني (السعلي)