أ.د.عثمان بن صالح العامر
أكتب هذا المقال وأنا أتابع مساء يوم الثلاثاء المنصرم طرفاً من أخبار مظاهر الاحتفال بيومنا الوطني الذي استطاعت وسائلنا الإعلامية الرسمية والخاصة، الذاتية والمجتمعية، القديم منها والحديث أن ترصد أبرز ملامحها باحترافية عالية وجودة متميزة، وهذا طبعًا يسر كل محب للمملكة العربية السعودية، يستمتع وهو يقلب ناظريه في هذه الصورة البانورامية التي تعبِّر عن فرحة شعب وطن لا ككل الأوطان في عامه التسعين، وفي الوقت ذاته فإن هذا المشهد الذي يعكس لحمة الوطن وتراص المواطنين خلف قيادتهم العازمة الحازمة، الحكيمة الراشدة، يغيظ الحاقدين الحاسدين المتربصين بنا الدوائر في كل وقت وحين. وإذا كان هناك شريحة لم تصل لها كاميرات الإعلام، ولا عرفت مواقع العالم الافتراضي، وليس من أولوياتها التعرف على مشاهير السوشل ميديا ومتابعتهم، ومن ثم لم يسمع لها صوت، ولا شاهد العالم تعابير وجوه رجالها وهم يعيدون شريط الذكريات في هذا اليوم على وجه الخصوص من كل عام، مع أنهم لم ولن ينسوا يوماً ما النعم التي يرفلون بها في ظل قيادة فريدة جعلت إنسان الوطن على رأس أولوياتها، بعد أن عاشوا أو أنهم على الأقل سمعوا من الآباء والأجداد عن حالة الضنك والخوف والألم التي صورها الكثير ممن كتب عن تلك الحقبة التاريخية الصعبة. ولقربي من الشيخ علي بن محمد الجميعة -رحمه الله- فقد سمعته كثيراً يذكر عن نفسه وأسرته أنهم مثل غيرهم من العوائل النجدية عاشوا ألم المعاناة، وذاقوا طعم الحرمان، وتلبسوا بالخوف، واعتراهم الجوع حتى كانت ملحمة جلالة الملك المؤسس الباني لهذا الكيان العزيز (المملكة العربية السعودية) عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله-، الذي بعون من الله وتوفيق ثم بمن معه من الرجال وحد أرض الوطن الأشم تحت راية التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله). رغم كل الظروف وتعاظم حجم التحديات، فكان الأمن والأمان، وفتحت كنوز الأرض، وأفاض الله على أهل هذه البلاد بمدد من السماء. ولم يكتف الجميعة -رحمه الله- بالأحاديث الخاصة التي كان يتحفنا بها نحن جلساؤه بين الفينة والأخرى بل دون ما جال في خاطره وكان في نظره مهم الحديث عنه وواجب اطلاع الأجيال التي لم تعايشه أو تسمع عنه عليه، وذلك في كتابه الموسوم (المملكة العربية السعودية) حضارة حقائق وأرقام على مدى اثنين وثمانين عاماً. لقد شخص في هذا السفر التاريخي حال البلاد قبل تحقق ملحمة الوحيد، ثم ساق بالتفصيل النعم التي ترفل بها اليوم (أمة الملك الصالح عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله-)، والذي عُرف عنه وعن من خَلَفَه من أبنائه في حكم هذه البلاد المباركة الحرص الشديد على تصحيح للعقيدة، وتأليف للقلوب، وتطوير للبلاد، وحماية للمقدسات، وتعزيز لوجود المملكة العربية السعودية على الخارطة العالمية، واهتمام بأمن وسلامة وسعادة ورفاهية المواطن والمقيم. وضمن كتابه هذا وصيته للأبناء والأحفاد من بعده، والتي نص فيها على وجوب قيام الورثة بأفعال خيرية محدَّدة من بناء للمساجد، وتوزيع للتمور، وذبح للأضاحي كل عام، ويكون أجر هذه الأعمال جميعاً لجلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود والثمانية والستين رجلاً الذين كانوا معه في تسطير ملحمة التوحيد سطراً سطراً، وذكرهم بالاسم واحداً تلو الآخر في ثنايا هذا الكتاب القيِّم. دام عزك ياوطن المجد وأرض الشموخ وفي القمة دوماً وإلى لقاء والسلام.