د.عيد بن حجيج الفايدي
قبل (90) عاماً، وفي عهد الملك عبدالعزيز -رحمة الله تعالى-، صدر مرسوم ملكي بتحويل اسم الدولة إلى «المملكة العربية السعودية»، وذلك في يوم الخميس 21 جمادى الأولى عام 1351 هجري الموافق 23 سبتمبر عام 1923م، وذلك اليوم تم التحول إلى دولة عصرية حديثة مشاركة كعضو مؤسس في المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية.. وكل دولة في مفهوم الدولة الحديث.. لها علم وطني.. ونشيد وطني.. وشعار وطني.. وحدود للوطن.. ويوم وطني.. ومؤسسات وهيئات حكومية.
وفي هذا اليوم.. يتذكر أبناء المجتمع الجهود التي بذلت والأعمال التي أنجزت مما يزيد الانتماء والفخر والاعتزاز بالوطن.
واليوم الوطني «90» هذا العام يمر بظروف غير عادية في المجال الصحي والمجال الاقتصادي والمجال التعليمي، ومع هذا يزداد الشموخ وتستمر عجلة التنمية فهو يدافع عن الحدود ويقف أمام المرض ويحارب الجهل.. وينشر العلم من بعد وقرب.
قال الشاعر:
كم منزل في الأرض يألفه الفتى
وحنينه أبداً لأول منزل
وقول الشاعر.. يؤكد أن للإنسان منازل عدة وأول منزل هو المكان الذي يولد فيه سواء كان جبلاً أو سهلاً أو واديًا، وورد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند الهجرة قال: «والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت»، وورد في كتاب أساس البلاغة للزمخشري: كل يحب وطنه وأوطانه، وهذه إشارة إلى أن الإنسان له مجموعة من الأوطان، وهذه الأوطان تمثل مجموعة من الدوائر مترابطة ومتداخلة، أولى هذه الدوائر هي دائرة المنزل الذي وُلد فيه الإنسان، وهي دائرة صغيرة تختلف من إنسان لآخر لأنها مرتبطة بمكان مولده، ولكن هذه الدائرة الصغيرة هي قلب دائرة أخرى أكبر تشمل دائرة الوطن الذي يحمل الإنسان جنسيته وينسب إليها.
والوطن له حدود جغرافية معترف بها في المحافل الدولية وله حكومة موكل لها تحقيق المصالح من خلال الأنظمة، والتي تحكم العلاقة بين الأفراد والمؤسسات، وهذه الدولة لها انتماء وعاطفة طبيعية لا تتعارض مع الدين.
وبالتالي هو مواطن له حقوق وعليه واجبات، وهذا المواطن يحب وطنه حباً فطرياً غريزياً، وبالتالي فإن عيد الوطن ليس يوماً واحداً بل كل يوم، هو في الوطن آمناً مطمئناً هو يوم عيد، وهذا ما ورد في الحديث النبوي، حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في بدنه وجسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها»، والسرب هنا المسكن أو المنزل الذي هو الدائرة الأولى من دوائر الوطن ودائرة الوطن الكبرى.
فالمملكة العربية السعودية تمتد من الحد الجنوبي إلى الحد الشمالي ومن شواطئ الخليج العربي إلى مياه البحر الأحمر.
هذا الوطن ينفرد بمكانة خاصة وسمات عديدة لم تكن لغيره، من تلك وجود الكعبة وهو بيت الله نسبه الله تعالى إليه وجعله مباركًا وهدى للعالمين، وخصه بوجود الحجر الأسود ومقام إبراهيم، وجعله قبلة للمسلمين في صلاتهم، ومقصدًا لأداء ركن من أركان الإسلام وهو الحج.
إذا كان تنظيم حشود كأس العالم تتنافس عليه الدول لتحصل على شرف التنظيم، ويسجل ذلك الجهد بأن تلك الدولة أجادت فماذا يقال للمملكة التي تنظم تلك الحشود سنوياً.
إنها المملكة العربية السعودية التي تشرف على شعائر الحج وتقف بالمرصاد لكل معتدٍ وفي الوقت نفسه تدير عجلة التنمية بكل دراية ومهارة واقتدار منذ عهد الملك عبدالعزيز، ومن خلفه من ملوك هذه الدولة الفتية إلى عهد الملك سلمان وولي عهده الأمين محمد بن سلمان، حفظ الله الجميع وحفظ هذا الوطن بحفظه وعنايته.