فهد عبدالله الغانم السبيعي
للوطن مكانة كبيرة في نفوس أبنائه يبادلونه حباً بحب وعشقاً بعشق..
وبلا شك أن الوطن عبر تاريخ الزمن هو قصة مشوقة لهم لا يملون من سماعها كل عام.. فيها تاريخ وعبر وتضحيات وإنجازات تنموية وتطور حضاري ينعكس بدوره على من يعيشون على ترابه الطاهر. رسمت سيناريوهاتها وأحداثها الدرامايتيكية الفريدة من نوعها بلا شك الأجداد لذا لا يمل الآباء دوماً من أن يروونها لأبنائهم وتجذب انتباه أحفادهم الصغار.
اليوم نحن على أعتاب «التسعين عاماً» نعيش بدراً لها أسس قوية ومضامين راسخة قامت على الكتاب والسنة وتتلحف براية التوحيد «لا إله إلا الله محمد رسول الله».
هي مملكة أبية، يتجدد شبابها يوماً بعد يوم منذ أن بزغ فجر الثالث والعشرين من سبتمبر من عام 1932هـ وحتى هذا العام (1442هـ). فعلى يد رجل عظيم يملك من الدهاء والحكنة والحكمة الشيء الكثير مع بعد نظر لما سوف تكون عليه بلاده الذي سعى لتحصينها بقوة وقبلها بناء سورها المنيع. واجه المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله - المصاعب والمتاعب والتحديات الجسام بكل صلابة وقوة.. إنه شموخ الرجال وقوة بأسهم تكون تلك الأمور تتعلق بوطنه ومسكن أجداده وشعبهم الوفي. إصرار المؤسس (أخو نورة) على السير قدماً نحو قيام كيان عظيم يؤسس لمملكة مترامية الأطراف كان هو حلم (صقر الجزيرة) وعاهد نفسه على الوصول إليه مهما كانت الظروف والتحديات.
رغم شدة الحرارة ولهيب شمس الصحراء الحارقة حولّ الملك عبدالعزيز ورجاله الأوفياء ذلك الأمر إلى برد وسلام من أجل دعم مسلكهم ورفعاً لمعنوياتهم ووجهوا أنظارهم إلى (نجد العذية) وكان الهدف الأسمى هو (فتح الرياض) الذي تحقق في عام 1319هـ. إنها فراسة الملك وقدره الرباني.
إن تسعينية المملكة العربية السعودية لم تأتِ من فراغ فكانت الجهود متكاتفة كرجل واحد وحضرت الإرادة الصلبة فأصبح الوطن من يومها ينعم بخيرات لا تعد ولا تحصى مع أمن وأمان واستقرار يستظل بظله أرجاء الوطن بأكمله.
وطني هذا.. هو وطن العزة والشموخ.. وطن التسامح.. وطن العراقة والأصالة والتاريخ التليد.. حباه الله بنعم ظاهرة وباطنة يشعر بها كل من يعيش على ترابه الغالي.
وطن التفرد والخصوصية ليس مثله بلد على الكرة الأرضية اختصه الله سبحانه وتعالى بخدمة مدينتين مقدستين (مكة المكرمة والمدينة المنورة) ومن دخله كان آمناً.
لهذا الوطن دور ريادي على الصعيدين العربي والعالمي لا تتوانى على اللحاق بركب التطور والحضارة والتقنية والتكنولوجيا بمختلف المجالات: السياسية والاقتصادية والثقافية. وما تمثله المملكة من ثقل في مجال الطاقة جعلها بلدًا مؤتمنًا عليها يحافظ على الاستقرار للأسواق العالمية وتوازن بين العرض والطلب، وتلبي احتياج المستهلكين وتسد الفجوات والنقص في هذا الجانب المهم لاقتصاديات العالم برمته.
وبلا شك فإن قمة العشرين (2020) التي تترأسها المملكة تُعَدُّ قمة استثنائية لمواجهة فايروس كورونا المستجد الذي عصف بكل مناحي الحياة على المملكة خاصة ودول العالم عامة، وأيضاً بحث الملفات الأخرى التي تستحوذ على اهتمام الدول المشاركة قامت المملكة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله - بإدارتها بمهارة وجدارة. لذا فتصادف يومها التسعين مع قمة العشرين العالمية ولكل منهما خصوصية وسمعة تحظيان بها.
لقد أثبتت بلادنا الغالية كفاءتها وعلو كعبها كأحد دول مجموعة العشرين من ناحية، أما الناحية الأخرى فقامت وبشكل سريع لكبح جماح (كوفيد- 19) بإجراءات احترازية ووقائية لأن صحة الإنسان هو الأهم لدى القيادة الحكيمة، ويأتي هذا في ظل تراجع أسعار النفط وكذلك الإغلاق التي تسبب بخسائر كبيرة بسبب توقف الحركة الاقتصادية عالمياً عن الدوران وبشكل اعتيادي لرغبة دول العالم ومن ضمنها المملكة لمواجهة جائحة كورونا المستجد والذي أتى كأحد الأولويات دون غيرها. كما أن الاستقرار في اليمن وعبث جماعة الحوثيين المدعومين من إيران منذ سنوات وتلاعبهم باقتصاد اليمن وكذلك عدم سيطرتهم على الأوضاع الصحية هناك، كما أن حقوق الإنسان اليمني لا يمت للحوثيين بصلة ويأتي في آخر اهتماماتهم. كل هذا يقلق المملكة الجارة الكبرى لليمن الشقيق والتي تحرص ألا يقع هذا البلد برمته في أيدي من ينفذون أجندة خارجية في خيانة لبلدهم وشعبهم المكلوم. لذا تأتي مناسبة اليوم الوطني السعودي كمناسبة مفرحة للشعب السعودي عامة، لكن مرور خمس سنوات على انقلاب الحوثيين على الشرعية تُعَدُّ بلا شك ذكرى حزينة للشعبين الشقيقين، ندعو الله أن يزيل هم الإخوة اليمنيين لينعموا بكل خيرات بلادهم وثرواتها بعيداً عن الخونة ومن يتآمرون على يمن كان سعيداً، لكنه بقدرة الله جلت قدرته سوف يعود أسعد عن ذي قبل وبدعم سعودي صادق بإعادة أمل يتطلع له اليمنيين جميعاً.
أخيراً يعرف القاصي والداني أن من ألقاب الملك عبدالعزيز المتعددة لقب مميز وهو «معزي»، لذا يقول عنه الأستاذ/ فهد المارك في كتابه «من شيم الملك عبد العزيز».. «هو تعبير ما كنا نفهم معناه لولا أن الرواة الذين عاصروه نقلوا لنا تفسيره عن ابن عمه المغفور له سعود بن عبدالعزيز المعروف بسعود الكبير، أن الملك عبد العزيز إذا أحكمت الظروف السياسية أو العسكرية بحكمها القاسي الذي لا يعرف العاطفة أو الرحمة واضطر عبد العزيز بأن يقتل المرء الذي حكمت عليه تلك الظروف، فإن عبد العزيز بعد التنفيذ يبذل ما لديه من العطف والرحمة والشفقة والسخاء لأبناء ذلك المقتول، إن كان له أبناء، أو على والديه إن كان له والدان، أو على من يمت له بالقربى، حتى يشعر ذوو المقتول أن عبد العزيز عزاهم بمقتولهم فعلاً، ومحا كل ما في نفوسهم من رواسب البغضاء والحقد بأعماله هذه. ومن خلق العربي الذي فطره الله عليه أنه عاطفي يختلف عن كثير من الشعوب المتحجرة العاطفة». نهنئ القيادة الرشيدة بهذه المناسبة التسعينية العزيزة على نفوس المواطنين والمقيمين في وطننا الكبير..
حماك الله يا وطن..