في كل عام في مثل هذه التاريخ تمر بنا ذكرى مباركة، وها نحن نعيش هذه الأيام (الذكرى التسعون) ليومنا الوطني المبارك، وما أجمل أن نقوم في هذه المناسبة المباركة ببعض التأملات في تاريخ وطننا، ورحلته الحديثة، وواقع حياتنا المعاصرة، وبداية يجدر بنا أن نؤكد حقيقة حب الوطن في أعماق جميع البشر، فمن المتفق عليه أنَّ حبَّ الوطن شيء فطري مغروس في أعماق كل إنسان.
وعندما يتكلم التاريخ عن وطني المملكة العربية السعودية فلن تعجزه اللغة ولن تعوزه الكلمات؛ فمعجم وطني حافل بمفردات الاعتزاز والإنجاز، وجمله وعباراته مليئة بصور الوطن مشبعةً بألوان المجد والفخار، فتاريخ المملكة زاخر -ولله الحمد- بملاحم البطولة والعزة والآباء، وصفحات هذا الوطن المعطاء تفيض بالكرم والندى والخير، ولغته تدور بين نماء وبناء وخير ورخاء.
إننا حين نتأمل تلك الصفحات الناصعة التي سطرَّها الملك المؤسس المغفور له - بإذن الله تعالى - الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، نجد مسيرة حافلة من العزة والكرامة والبناء والنهضة التي بدأ صناعتها بكل عزيمة وإصرار، وتابع نقشها من بعده أبناؤه المخلصون البررة حتى وصلنا بفضل الله تعالى إلى هذا العصر الزاهر الزاخر تحت القيادة الرشيدة والحكيمة لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - واليوم في الذكرى التسعين لليوم الوطني نتذكر بكل محبة واعتزاز هذه المسيرة الوطنية الحافلة لتكون مصدر إلهام لنا ولأبنائنا من بعدنا فتملأ نفوسنا بكل معاني الإخلاص والوفاء والولاء والانتماء، وتشحذ هممنا نحو مزيد من العمل والبذل من أجل نهضة وعزة هذا الوطن الغالي.
ومن فضل الله تعالى علينا أننا نعيش هذه الذكرى المباركة في ظل تسارع مشاريع البناء والتنمية المستدامة التي تتبنَّاها رؤية المملكة 2030، هذه الرؤية الطموحة العملاقة التي يقوم على تنفيذها بكل جسارة واقتدار سمو سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله تعالى - ومعه كوكبة متميزة من خيرة شباب هذا الوطن الغالي، وذلك بتوجيهات مباشرة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - أيده الله - قائد مسيرتنا وصانع نهضتنا المعاصرة.
وحين نيمم وجوهنا نحو أي مجال أو أي جهة في وطننا الغالي نجد أن الجهات كافة في القطاعين الحكومي والخاص تعمل بفضل الله تعالى باحترافية كبيرة ومشاركة متكاملة لتوسيع الرخاء وزيادة الرفاهية والازدهار، وتسعى جميع القطاعات بشكل دائم للاستفادة من فرص التطوير والتحسين المستمر للمساهمة بشكل فاعل وقوي في دعم مشاريع التنمية المستدامة القائمة في ربوع مملكتنا الحبيبة في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والترفيهية وسائر مجالات التنمية الوطنية بهدف ترسيخ مجتمع البناء والمعرفة، والتحسين المستمر في مستوى معيشة المواطن السعودي لينعم بالرخاء والاستقرار في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -؛ وذلك إيماناً منه بأنَّ المواطن السعودي يستحق الأفضل دائماً وأنه محور التنمية وصانعها، وهذه القناعة الراسخة هي ما نجد صداه في جميع المجالات، ونراه ينعكس قولاً وعملاً في منظومة التنمية عبر رفع مؤشراتها، وتطوير قدراتها ومقدَّراتها، وهو ما تجسِّده كذلك توجيهات مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بقيادة ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله.
في الحقيقة إنَّ النهضة الكبيرة التي تتحقق والتطور العظيم الذي يحدث في كل زاوية من مملكتنا الحبيبة ليؤكد أن تحقيق الجودة الشاملة والتركيز على العمل والإبداع والابتكار قيَمٌ جديدة اتخذتها مملكتنا الحبيبة لتكون محاور ومنطلقات لجوهر عملها وانطلاقها نحو مستقبل مشرق واعد -بإذن الله- تعالى يبشر بكل خير ورخاء وازدهار، ورهان نجاحنا في كل ذلك بفضل الله تعالى هو صدق الانتماء لهذا الوطن الغالي، والولاء لقادته المخلصين، والعمل بكل جهد واقتدار، والسير بكل نزاهة وشفافية، ورائدنا في ذلك كله هو حب الوطن المعطاء وشغف الإنجاز الذي توارثته الأجيال وتفاخرت به الأزمان منذ انطلاقة المسيرة المباركة لهذه الدولة الرائدة.
وبهذه المناسبة الكريمة يشرفني أن أرفع أسمى آيات التهنئة لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله-، ولمقام سيدي سمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد ابن سلمان -حفظه الله- تهنئةً ممزوجة بأعطر وأنضر عبارات الشكر والعرفان على ما يجده كل مواطن ومقيم فوق ثرى هذه الأرض المباركة من رعاية واهتمام، سائلاً المولى عز وجل أن يديم علينا الأمن والأمان والرخاء والاستقرار، في ظل هذه القيادة الحكيمة الرشيدة المباركة.
** **
أ.د. عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز السبيعي - أستاذ الدراسات العليا بالمعهد العالي للدعوة والاحتساب - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية