الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
كان لله حكمة أن جعل من الملك عبدالعزيز رجلاً متعدد المواهب والصفات، وهيأ له السبل كافة؛ إذ استطاع أن يوحّد بلدانًا وقبائل وشعوبًا متفرقة في شبه الجزيرة العربية، وأن ينشر الأمن والاستقرار في منطقة شاسعة. ومن أهم خصاله إيمانه بالله قبل كل شيء، ونُبل هدفه الذي اعتمد فيه على الله -عز وجل- ثم على أبناء شعبه في تحقيقه. ويعد استرداد مدينة الرياض من أعظم الأحداث التاريخية التي ظهرت فيها علامات قوة الشخصية وحسن القيادة لدى الملك عبدالعزيز، والخبرة التي اكتسبها بنفسه، وكان توفيق الله حليفه؛ فبعد استرداد الرياض واصل الملك عبدالعزيز كفاحه مدة تزيد على ثلاثين عامًا من أجل توحيد البلاد، وتمكن من توحيد العديد من المناطق، من أهمها جنوب نجد وسدير والوشم 1320هـ (1902م)، ثم القصيم 1322هـ (1904م)، عقب ذلك الأحساء 1331هـ (1913م)، ثم عسير 1338هـ (1919م)، وحائل 1340هـ (1921م).
وتم للملك عبدالعزيز ضم منطقة الحجاز في عامَي 1343هـ و1344هـ (1925م)، وفي عام 1349هـ (1930م) تم استكمال توحيد منطقة جازان.
وفي السابع عشر من شهر جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق التاسع عشر من شهر سبتمبر عام 1932م صدر أمر ملكي بإعلان توحيد البلاد، وتسميتها باسم (المملكة العربية السعودية) بدءًا من الخميس 21 جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م (الأول من الميزان).
وتوّج هذا الإعلان جهود الملك عبدالعزيز العظيمة الرامية إلى توحيد البلاد، وتأسيس دولة راسخة، تقوم على تطبيق أحكام القرآن والسنة النبوية الشريفة، الذي يعتبر نبراس المسيرة ونهج الشريعة، وتم تحديد يوم الأول من الميزان الموافق الثالث والعشرين من شهر سبتمبر ليصبح اليوم الوطني لذكرى توحيد أرجاء البلاد. وبهذا الإعلان تم تأسيس المملكة العربية السعودية التي أصبحت دولة عظيمة في رسالتها وإنجازاتها ومكانتها الإقليمية والدولية. وتركز التأسيس على الجوانب الدينية والإدارية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. إلخ.
ومن ملامح التأسيس والبناء في عهد الملك عبدالعزيز غرسه مبدأ المشاركة للجميع؛ إذ أقبل الناس على تجهيز أنفسهم للمشاركة معه في توحيد البلاد إيمانًا بهدف عبدالعزيز في التوحيد ونبذ الفوضى. ومن نتائج هذه الظاهرة تلك الوحدة العظيمة بين أبناء المملكة التي شهدتها البلاد منذ فترة توليه قيادة البلاد مرورًا بتولي أبنائه الملوك من بعده:
* الملك سعود بن عبدالعزيز 1373 - 1384هـ (1953 - 1964م).
* الملك فيصل بن عبدالعزيز 1384 - 1395هـ (1964 - 1975م).
* الملك خالد بن عبدالعزيز 1395 - 1402هـ (1975 - 1982م).
* الملك فهد بن عبدالعزيز 1402 - 1426هـ (1982 - 2005م).
*الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود 1426 - 1436هـ (2005 - 2015 م).
* الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (خادم الحرمين الشريفين) (1436هـ/ 2015 م)،
ولا تزال البلاد تشهد هذه اللحمة الوطنية والتوحيد المبارك حتى اللحظة، واستمرار رقي مكانة الدولة السعودية على الساحة الدولية السياسية والاقتصادية والمجالات كافة، كما نراها اليوم -بفضل الله- أصبحت إحدى دول العالم العظمى (العشرين) بثقلها السياسي والاقتصادي والعالمي، وفي قلبها قبلة المسلمين كافة (الكعبة المشرفة) وخدمة بيوت الله، وفي مقدمتها الحرمان الشريفان، وخدمة المسلمين عامة، وحجاج بيت الله خاصة، من أنحاء العالم الإسلامي كافة، وهم في يسر وأمن وطمأنينة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومن حوله ذلك الشعب الأبيّ واللحمة الوطنية والنهضة والتطوير العام والحضاري؛ لنتنافس مع العالم بأسره كدولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسُنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولغتها اللغة العربية، وعاصمتها مدينة الرياض.
اللهم أدم على وطننا الغالي نعمة الأمن والإيمان والاستقرار، واحفظه من كل سوء، ورد كيد أعدائه في نحورهم، واكفنا شرورهم، ووفّق ولاة أمرنا وعلماءنا وكل مجتمعنا إلى ما فيه البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، وسدد الخطى إلى ما فيه الخير والرقي والازدهار لهذا الوطن وأهله، وبارك يا الله في مسيرة التوحيد والعطاء التي تعتبر نعمة عظيمة؛ تحتاج الشكر والثناء. والحمد لله رب العالمين.