علي الصحن
وضع فريق الهلال الظروف جانباً، تحامل على نفسه، وعلى آلامه وعلى كل المعاناة التي أحاطت به إحاطة السوار بالمعصم ولم تترك له حتى فرصة أن يتنفس أو يرتب ورقة واحدة من أوراقه، حتى الاتحاد الآسيوي الذي ظن بعضهم أنه سينصف الفريق ضن على الهلال وألزمه بما لا يمكن تصوره في عالم كرة القدم.
ما كان الهلال فريقاً عادياً ينكسر أمام أي إعصار، وما كان فريقاً سهلاً يذهب ليشارك ويبحث عن أي أعذار ليبرر فشله، وما كان ضعيفاً ينحني أمام أي عاصفة ثم يرفع رأسه ويبدأ بحساب الخسائر.
كان الخيار واحداً وكان الواقع المفروض عليه واحداً أيضاً، وفي لحظة ما كان بعضهم يتصور أن زعيم القارة سيلقي عصاه ويتكئ جانباً ويتنازل عن الدفاع عن لقبه.
حاول الهلاليون أن يصلوا مع المنظمين إلى نقطة حل ترضي كل الأطراف، لكن ما تمنوه ظل رهين أفكارهم، وقد كان القرار أن المباراة ستبدأ في موعدها وأن الهلال إما أن يحضر بما بقي من اللاعبين في ورقة مدربه، أو أن يعتذر عن اللعب ثم تأتي باقي الفصول.
كان الخيار واحداً أمسك الهلال بتلابيبه، ومضى بكبريائه إلى الميدان، ذهب بأسماء جديدة، وبطريقة لعب لم يعتدها مدرجه، وببديل واحد وحارسين، وظنوا أن الهلال اختار الخروج بلا انسحاب، ولكنه سيسحب معه خسارة تبقى في الذاكرة، ومع الدقائق تبين لهم أن الأسماء تغيب ويحضر الهلال، وأن هيبة الزعيم وقميصه تكفي لأن تمنع أي فريق من الجرأة عليه، وأن اسم الهلال كاف ليعرف المنافس من ينافس!!
مضت الدقائق ولم يكن الهلاليون بحاجة للمزيد من الوقت ليشربوا الاطمئنان كالماء الزلال، ومع تصرم الدقائق ظهرت المزيد من الحقائق، وتأكد المدرج الأزرق أنه قد راهن على فريق كبير، وأنه قد وضع حلمه في يد ناد لم يتأخر يوماً واحداً عن نشر الفرح في جنبات بيته ومدرجه وكل ما يحيط به.
لعب الهلال مباراة للتاريخ، ومباراة ستذكرها بطولة آسيا بكل تفاصيلها، سيقول تاريخ الدوري القاري أن فريقاً لعب منقوصاً من أهم نجومه ومجرداً من أسلحته، وأنه استطاع بالكاد وخلال سويعات أن يلملم أطرافه ويكمل الرقم (11) على المعشب الأخضر، سيقول التاريخ أيضاً أن الكرة لُعبت في غرب القارة ولم تسدد في شرقها، وأن البطولة أقيمت وسط جائحة مرت الأرض، ووقف لها العالم برمته، وعمل ما في وسعه لتفاديها، سيقول ذلك كله ويقول أيضاً: أن كورونا قد أصابت من الهلال ما أصابت وأنها عملت في الفريق ما عملت... وأن المنظمين لم يلتفتوا لكل ذلك، ولم ينظروا إلى أن الظروف تكون أقوى من كل شيء في بعض الأحيان.
سيقول التاريخ أيضاً أن الهلال تجاوز كل شيء وتأهل إلى ثمن النهائي... صحيح أن الوصول جزء من الهدف، لكن حسبه أنه لم يتوسد ظروفه ويخلق أعذاره ويغادر على أول فرصة للمغادرة.