هلال الثبيتي - الطائف:
شعَّ بريق مدرسة دار التوحيد بمحافظة الطائف في سماء التعليم، لكونها المدرسة النظامية الأولى في المملكة العربية السعودية، وظلَّت شاهدة على اهتمام ولاة الأمر بتعليم الأجيال بداية من المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيَّب الله ثراه- حتى استمر وتطوَّر في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- من خلال التعليم عن بعد في منصة «مدرستي».
وكانت فكرة إنشاء المدرسة قد بدأت من الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-، وذلك بأن تكون نظامية في حج عام 1363هـ لتخريج القضاة، وفي عام 1364هـ قرر المؤسس حينها بأن تكون المدرسة لتدريس العلوم الشرعية والعربية واختار لها اسم دار التوحيد.
وفي تلك الحقبة الزمنية حرص المؤسس أن ينهي تنقل البدو، واختار أن يوطّنهم في الهجر، حيث قرر تأسيس مرحلة جديدة، يختلط فيها أبناء الجزيرة ببعضهم بعضًا في أنشطة سلمية وتعليمية مختلفة عمّا كان يسود قبل توحيد البلاد، حيث فوَّض الشيخ بهجت البيطار لاختيار المقررات، والشيخ العودان لاختيار الطلاب، كما فوَّض الملك فيصل -رحمه الله- بمتابعة المدرسة وربطها بالديوان الملكي، وقد حرص على حضور احتفالاتها، وأناب الملك سعود -رحمه الله- ولي العهد آن ذاك في الاحتفالات التي لا يحضرها، في حين أصبحت مدرسة دار التوحيد نواة لكلية الشريعة ومعقلاً للتعليم، وغيرت الخارطة الثقافية في المملكة العربية السعودية، وأسهمت في الحركة الأدبية بإقامة نادٍ أدبي، فيما تخرج منها الكثير من الأمراء والعلماء والوزراء والأدباء، ونهلوا من مناهجها العلم الشرعي والعربي، وتتلمذوا على يد نخبة من المعلمين من الأزهر والدول العربية.
وبعد أن دمجت دار التوحيد مع مناهج التعليم العام، بدأت مسيرتها التطويرية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله، وذلك بإعادة وهجها وتاريخها العريق الذي تحتفظ به، وتضع سراجها لطلاب العلم، ليكون هناك ارتباط وثيق، يكون مسجلاً عبر كل العصور في دار التوحيد، وأصبحت المدرسة الآن تضم كوادر من المعلمين والإداريين من أبناء الوطن، وقد تم اعتماد مسار علمي للمدرسة مع المسار الإنساني مواكباً لرؤية المملكة 2030، كما تم إنشاء متحف يضم أركانه مقتنيات يمتد عمرها إلى بداية الدولة السعودية الثالثة لأكثر من 75 عاماً، كما تضم رؤية المؤسس ومكتب الإدارة، والفصل الدراسي في ذلك العهد، والمراحل المتتابعة التي مرّت بها الدار، إضافة إلى نماذج الاختبارات والشهادات، ونجوم في سماء المتحف، ونافذة الذكريات ومجلس الدار الثقافي.
وفي هذه الفترة في ظل جائحة كورونا، تحوّل تعليمها كباقي المدارس عن بعد بإشراف من وزارة التعليم ومتابعة من الإدارة العامة لتعليم الطائف، وواصلت الرحلة التعليمية من خلال منصة مدرستي، لتصبح مناراً للعلم في الماضي والحاضر، وتواكب عجلة الزمن في النقلة النوعية للتعليم، تحت راية التوحيد ونحو رؤية المملكة 2030 الطموحة، لتعليم الأجيال عبر التقنية الحديثة، لتستشعر مكانتها العظيمة مع اليوم الوطني 90 ويعلم الجميع بأن التعليم شامخ منذ نشأته عن قرب حتى تجدده عن بعد.