د. عبدالرحمن الشلاش
يركز بعض مسؤولي التعليم في أحاديثهم على أساليب التعليم وعدم القناعة ببعض الأساليب الحديثة المطبقة، والمبادرات والمشاريع الكثيرة محدودة أو عديمة الجدوى حيث نقلت التركيز والاهتمام طيلة السنوات من الفصل المدرسي إلى أمور أقل أهمية في سلم الأولويات التعليمية.
وتم تحديد التوجه العام للوزارة بأمور هامة جدا منها الزيارات الميدانية وتفعيل أدوار المشرفين وتقريب عدسة المجهر لما يدور في المدارس، والتقليل من المبادرات والحفلات والاستفادة مما يصرف في تحسين البيئة المدرسية، والعناية بتصميم الاختبارات التحصيلية، والعناية بالقراءة والكتابة.
ليس كل قديم سيئ بل إن كثيرا من المواد التي ألغيت من الخطط الدراسية كانت سببا لتفوق جيل الزمن الماضي لنأخذ مادة الإملاء مثالا فعدم تدريس المادة مع مادة الخط أيضا أدى إلى ظهور أجيال لا يحسنون الكتابة في الصفحة الواحدة عشرات الأخطاء البديهية الهمزات والتاء المفتوحة والمربوطة. تصور طالب يكتب مدرسة «مدرست» وهو في المرحلة الجامعية، ويكتب رائع «راءع» وهكذا تأتيك الأخطاء من مسؤولين ومديري إدارات.
واقع غير مرضٍ في كل الأحوال، ولا تسأل عن سوء الخط حيث لم يدرب الطلبة بصور مستمرة على القراءة المستمرة أولا ثم الكتابة بطريقة صحيحة وخط مقروء على الأقل. بعض الخطوط لا يمكن لك أن تتبين معالمها. قراءتها ضرب من ضروب المستحيل. فك رموزها يحتاج لمتخصصين في فك الشفرات. هؤلاء وأولئك طلبة في مراحل متقدمة من التعليم مستوياتهم في الإملاء والخط يندى لها الجبين. هذه مواد أساسية من مواد اللغة العربية اللغة الرسمية للمملكة العربية السعودية، ولغة التعليم والتعلم والتواصل يحقق فيها الطلبة انحدارا رهيبا في المستويات، ولو عرجنا على مواد أخرى تمثل علوما أساسية مثل الرياضيات فيكفي أن نعلم بضعف معظم الطلبة في هذه المادة ما سبب إحجامهم وعزوفهم عن الالتحاق بالتخصصات العلمية في الجامعات، بل وهروبهم من أي تخصصات تدرس فيها الرياضيات ولو كانت مادة غير رئيسة، ولنا أن نتساءل عن مهارات الطلبة في البحث العلمي وقدراتهم في التحليل والربط والمقارنة والاستنتاج وتصميم الأدوات.
لعل من أهم أسباب هذه المآلات المحزنة الاهتمام بالقشور والشكليات على حساب جوهر التعليم وتمكين الطلبة من المعارف والمهارات الأساسية، وصرف كل الوقت لتعليمهم وتدريبهم عليه وهو ما يستدعي العودة لطرق وأساليب التعليم الأصيلة التي خرجت نوعيات فريدة استفاد منها الوطن في جميع المجالات التنموية.