وطني لو شغلتُ بالخلد عنه
نازعتني إليه في الخلد نفسي
حبٌّ أبدي، وعشقٌ لا يُنكره جاحد، في القرب أو البُعد عنه، فالوطن (هو هو) رداء الحياة التي فجّرت قريحة أمير الشعراء أحمد شوقي، رداً على قساوة البعاد عن ثرى بلاده، لأنها مساحةٌ كبيرةٌ يؤصلها الدين، فهي أرض الأنبياء والحرمين ومهبط الوحي بالقرآن الكريم على أشرف الخلق أجمعين، بل هي أرض العروبة التي يأتيها العالم من كل فج عميق، ومرسى رحلات الشتاء والصيف التجارية، ليمنّ اللهُ علينا بقيادتها لمجموعة G20 كبرى اقتصادات العالم، فتُلهم الإنسانية وتقودها في ظروف استثنائية عصفت بأعتى الدول وأسقطت عنها الأقنعة، ليُريهم الخالق أن العبرة بالحكمة والقيادة الحكيمة وفق شريعة سمحاء، تمر علينا خلالها مناسبة عزيزة، خاصة على شعبنا وعالمنا العربي والإسلامي، وفق نكهة خاصة، رسخت فيها المملكة الكثير من المعاني الوطنية والوحدوية والإنسانية، في ظل تماسك وقوة اتحاد الدولة في بوتقة واحدة، تخطو خطواتها نحو المستقبل التقني والحياة المشرقة، بثبات واستقرار وعزيمة قوية، على تخطي المستقبل الناهض بالتنمية والتخطيط المدروس والعلم السليم لمجالات وأصعدة الدولة كافة داخلياً وخارجياً.
ففي عقدنا الـ90 نجدُ رمزية (همة حتى القمة) وهي تعكس ما قاله صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.. (بأن همة السعوديين كجبل طويق لن ينكسر).. إنها (همة) الشباب وطموح أُمة بعزم رجالها الخالدين بشموخ في التاريخ والأزمان.. معتزين بمكوناتهم الطبيعية والجغرافية.. مستحضرين التفاصيل كافة من أسلافهم، ومبتكرين عليها برؤية رسم ولي العهد الخطوط العريضة لها نحو بناء وطن العراقة والمجد والتقدم والتطور.. وصولاً إلى تحقيق كل أحلامنا، لنرى في مثل هذا اليوم المجيد حضوراً ومشاركة تليق بقيمة ومعاني ومضامين ودلالات مجد هذا اليوم لدولة رسم ملامح توحيدها الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بمرسوم ملكي في 17 جمادى الأولى 1351هـ، ليصبح 23 سبتمبر 1932م، يوم إعلان قيام هذا الصرح العظيم الذي توارثته الأجيال بمنجزات وطن هو كل الدُنا، بلغت مؤشراته العالمية محط أنظار، على المستويات كافة المحلية والإقليمية والعربية والقارية والدولية والعالمية.
ليصدق ابن الرومي قولاً:
وحبب أوطان الرجال إليهمُ
مآرب قضاها الشباب هنالكَ
علينا أن نرسخ الأهداف السامية لرؤية 2030 في هذه الذكرى الغالية، وبناء حياتنا بعهد ما بعد النفط، فتراثنا وسياحتنا وطبيعتنا عامرة زاخرة، وعلى إعلامنا ومؤسساتنا وشركاتنا الإنتاجية ترسيخ القيم التي جُبلت عليها تلك الأرض منذ نزول أبي البشر آدم عليه السلام، لتكون المملكة دائمًا في مصاف الدول القوية.. فتحية إكبار لشعبٍ أبيٍّ صنديد وقيادة حكيمة فخورة بتراثها، وتحية لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، ومرابطينا على الحدود وشهدائنا وذويهم وكل الوطن غائب عنا أو معنا بخير، ومنا وللإنسانية كل الود والاحترام.
** **
- خالد الجاسر