لقاء - منيف الضوي:
كان المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - يتميز بالحكمة والذكاء، فقد كان يجمع حوله رجالات العلم وشيوخ العشائر وأعيان المجتمع، كان يهدف من وراء ذلك إلى تأسيس دولة حديثة.
الشيخ نواف بن مطني الشريم -رحمه الله- ممن عاصر الملك المؤسس -طيب الله ثراه، وكان له مشاركة في مشروع توطين القبائل، وقد تأسست إثر مشروع توطين البادية العديد من الهجر والقرى، ومنها قرية ابن شريم الواقعة شمال محافظة رفحاء بحوالي (45كم)، وفي هذا اللقاء نستضيف الشيخ ماجد بن ممدوح الشريم (بكالوريوس اقتصاد وعلاقات دولية من جامعة جورج واشنطن بأمريكا عام 1999م) لسرد بعض الذكريات عن جده الشيخ نواف الشريم وعلاقته بالمؤسس -رحمهما الله.
معارك التوحيد
كان جدي الشيخ العاصي الشريم -رحمه الله- من جلساء المؤسس -طيب الله ثراه- ومن أصحاب الرأي والمشورة، وقد شارك مع الملك عبدالعزيز في معركة السبلة (وقعت في روضة السبلة ما بين الإرطاوية والزلفي) التي انتصر فيها جيش الملك عبدالعزيز على الإخوان في العام 1929م، وهي آخر المعارك الرئيسية التي شارك فيها المؤسس -طيب الله ثراه- في سبيل تأسيس المملكة. وقد كان جيش المؤسس يضم نخبة متنوعة من قبائل الجزيرة العربية التي آمنت برسالته في توحيد البلاد، وبناء دولة حديثة.
الأبناء على خطى الآباء
وعن دور المؤسس -رحمه الله- في توحيد البلاد وبناء دولة حديثة يضيف الشيخ ماجد الشريم قائلاً: بعد وفاة الشيخ العاصي الشريم خلفه جدي الشيخ نواف بن مطني العاصي الشريم - رحمه الله - حيث كان يقابل الملك عبد العزيز -رحمه الله- مره أو مرتين في السنة، بسبب صعوبة وسائل النقل لأنها كانت في الغالب على ظهور الجمال والخيول وحتى بعد دخول السيارات للخدمة كانت لا توجد طرق معبدة، فكانت مثل هذه الرحلات تستغرق وقتاً طويلاً وفيها جهد ومشقة، وكان يرافقه في زيارته للمؤسس عدد من وجهاء القبيلة، كان الهدف من الزيارة للسلام على جلالته ولطرح المشاكل التي تواجه أبناء قبليته واحتياجاتهم، ولأخذ التوجيهات التي تصب في مصلحة الجميع. كانت الزيارات تتم في قصر الحكم أو في البر وقت الربيع بأماكن قريبة من الرياض منها التنهات، وكانت الأحاديث تدور حول ما هو في صالح أفراد القبيلة من أمن وصحة والسعي لتطويرها من خلال تعليم أبناء القبيلة.
في إحدى زيارات جدي الشيخ نواف للملك عبدالعزيز عرض عليه الملك أن يمنحه أراضي سكنية له ولجماعته بالحمادة يعني (المرتفع)، شمال قصر الحكم حتى يستوطوا فيها بدل حياة البادية، رد عليه جدي: إذا تسمح لي يا أبو تركي بيت الشعر عندي وحياة البادية أفضل من السكن بالقصور. رد عليه بما معناه: مثل ما تبي. كان جدي يذكر أن المؤسس حكيم وحليم وحريص على لم شمل القبائل تحت راية الدولة لأنه كان يهتم بجميع ما يخص شيوخ وأفراد قبائلهم ويتلمس حاجاتهم. وهذا ما أورثه المؤسس لأبنائه الملوك والأمراء أن يكونوا على نهج والدهم باحترام شيوخ القبائل والسماع لهم وتلبية احتياجاتهم وأبناء قبيلتهم.
مشروع توطين البادية
وعن مشروع توطين البادية يضيف الشريم: عند انطلاق مشروع المؤسس لتوطين البادية والذي استمر أبناؤه بتنفيذه من بعده تم منح مخطط سكني لهجرة ابن شريم في موقعها الحالي (شمال محافظة رفحاء)، وذلك في عام 1393هـ لمن يرغب في السكن، كما أن دعم صندوق التنمية العقاري الفوري للمستفيدين الراغبين في بناء منازل في المخطط ساهم بسرعة توطين أبناء البادية وغيرهم، بعدها مباشره تم إنشاء المدارس بجميع مراحلها للبنين والبنات ومركز صحي، وتوالت بعدها افتتاح الدوائر الحكومية من مركز إمارة ومركز شرطة ومركز للدفاع المدني والبلدية وجمعية البر الخيرية ومكتب الدعوة والإرشاد ومكتب تحفيظ القرآن بالإضافة إلى خدمات الكهرباء والمياه حتى أصبحت الآن مدينة بعد حرص الدولة على توطين أبناء البادية وتعليم المجتمع ورفع مستوى الوعي ودخول أبناء الوطن في السلك العسكري والدبلوماسي والصحي وغيره من المجالات الأخرى مما جعل من جميع أبناء القبائل وغيرهم يكونون أبناء قبيلة واحدة وهي المملكة العربية السعودية، وهذا ما ساهم في رفع المستوى الأمني وكذلك الحركة الاقتصادية.