واس - «الجزيرة»:
تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة المملكة احتفالاتها باليوم الوطني. وتجسد مشاركة الإمارات الرسمية والشعبية في احتفالات المملكة عمق العلاقات الأخوية التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين.. وتأتي مشاركة الإمارات هذا العام تحت شعار «معا - أبدا» في تأكيد روح الأخوة والصداقة والمحبة. وشكلت العلاقات الإماراتية - السعودية عبر التاريخ ضمانة قوية للأمن الخليجي والعربي بوجه عام، بالنظر إلى تطابق وجهات نظري البلدين الشقيقين تجاه مجمل قضايا المنطقة، وتعاونهما البناء والمثمر في التعامل مع التحديات التي تواجهها؛ وفي مقدمتها التصدي لخطر التطرف والإرهاب، والقوى والأطراف الداعمة له، ومواجهة التدخلات الخارجية في دول المنطقة. وتوطدت العلاقات التاريخية بين الإمارات والمملكة بشكلها الرسمي بفضل الله ثم جهود الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمهما الله - اللذين حرصا على نهج التنسيق والتعاون المستمر بين البلدين. وانتقلت العلاقات الثنائية بين الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والمملكة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - من مفهوم التعاون الثنائي بين دول الجوار، إلى الشراكة الإستراتيجية الكاملة. وقطع البلدان خلال السنوات القليلة الماضية، خطوات كبيرة في سبيل توحيد الطاقات، وتعزيز التكامل الثنائي في جميع المجالات وفق رؤية واضحة عبرت عنها بقوة محددات «استراتيجية العزم»، ومخرجات «مجلس التنسيق السعودي- الإماراتي»، وجسدها تحالف البلدين في «عاصفة الحزم» عندما امتزجت دماء الأبطال السعوديين والإماراتيين في اليمن، دفاعًا عن الشرعية، والضرب بيد من حديد على أيدي الإرهاب والتطرف، وكل من تسول له نفسه إحداث زعزعة الاستقرار والأمن في دول الخليج العربي.
وأسهمت العلاقات الثنائية بين البلدين في تعزيز أمن واستقرار المنطقة والعالم، خاصة أن تاريخهما يمتلئ بالمبادرات لتسوية الخلافات العربية أو لدعم الدول العربية، حيث تحملا العبء الأكبر في التصدي لكل أشكال التدخلات الإقليمية في الشأن العربي ومحاولات زعزعة أسس الأمن والاستقرار في المنطقة، فضلا عن دورهما البارز في جهود مكافحة الإرهاب والتطرف التي تحظى بتقدير المجتمع الدولي أجمع. وشهدت العلاقات الثنائية نقلة نوعية تمثلت في حرص القيادة في كلا البلدين على مأسسة هذه العلاقات من خلال تأسيس لجنة عليا مشتركة في مايو 2014 برئاسة وزيري الخارجية في البلدين .. وقد عملت هذه اللجنة على تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لقيادتي البلدين للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر أمنا واستقرارا لمواجهة التحديات في المنطقة وذلك في إطار كيان قوي متماسك بما يعود بالخير على الجميع ويدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك.
وفي العام 2016 وقع البلدان على اتفاقية إنشاء مجلس تنسيقي بينهما يهدف إلى التشاور والتنسيق في الأمور والمواضيع ذات الاهتمام المشترك في المجالات كافة، حيث نصت الاتفاقية على أن يجتمع المجلس بشكل دوري، وذلك بالتناوب بين البلدين. وفي يونيو 2018 رفعت دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية مستوى العلاقات الثنائية بينهما إلى مراحل غير مسبوقة اشتملت على رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً عبر 44 مشروعاً استراتيجياً مشتركاً ضمن «استراتيجية العزم» التي عمل عليها 350 مسؤولا من البلدين من 139 جهة حكومية وسيادية وعسكرية خلال 12 شهرا.
وتمثل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين نموذجاً استثنائياً وثرياً للتعاون والتكاتف، حيث تعد المملكة الشريك التجاري الأول عربياً والثالث عالمياً لدولة الإمارات، وتستحوذ على نحو 7 % من تجارة الإمارات غير النفطية مع العالم، وقد بلغ إجمالي حجم التجارة الخارجية غير النفطية العام بين الدولتين نحو 107,4 مليار درهم /29,4 مليار دولار/ خلال عام 2018 وبلغت قيمة الاستثمارات السعودية في دولة الإمارات 35 مليار درهم، كما بلغ عدد المشروعات الإماراتية في المملكة نحو 114 مشروعاً، مقابل 206 من المشاريع السعودية في دولة الإمارات. ويمتلك البلدان أكبر اقتصادين عربيين كما أنهما يعدان من أهم الدول الـ 10 المُصدرة عالمياً، بإجمالي قيمة صادرات من السلع والخدمات تقترب من 750 مليار دولار في عام 2018. واستحوذت الإمارات والمملكة معاً على ثلثي الصادرات العربية من السلع غير النفطية إلى العالم خلال عام 2018 بحسب البيانات المنشورة في مركز التجارة العالمي، وتتبوآن المركز الـ6 عالمياً من حيث الصادرات السلعية إجمالاً وفقاً لمنظمة التجارة العالمية لأرقام 2018.
وترفد السياحة في البلدين القطاعين التجاري والاقتصادي البيني وتعد من أهم القطاعات الواعدة التي توفر فرص الاستثمار وجذب المزيد من المشاريع المشتركة، لتنويع القاعدة الاقتصادية والتجارية في البلدين خاصة بعد أن خصصت دولة الإمارات مبالغ مالية ضخمة للسنوات العشر المقبلة، لتطوير هذا القطاع وذلك بعد النجاحات المطردة التي حققتها في جذب شركات السياحة العالمية لما تتمتع به من مقومات أساسية تكفل نجاح الصناعة السياحية فيها. وتجسد العلاقات الثقافية بين البلدين مستوى الترابط الجغرافي والاجتماعي بين شعبيهما، وقد تعززت هذه العلاقات عبر قنوات متعددة أبرزها قطاع التعليم الذي شهد في البدايات سفر طلاب الإمارات إلى المملكة للالتحاق بمدارس مكة المكرمة والإحساء والرياض، في حين تستقبل الجامعات والمعاهد الإماراتية اليوم عددا كبيرا من الطلاب السعوديين. وتمثلت العلاقات الثقافية بين البلدين في مستويات عدة، سواء من خلال إقامة العديد من الاتفاقيات والبرامج المشتركة، أو على مستوى التداخل الثقافي بين المؤسسات الجامعة التي تعمل في هذا السبيل والمبدعين والمثقفين في البلدين، وذلك ضمن رؤية ترتكز إلى أن العلاقة بين البلدين الشقيقين، تعززها علاقة شعبين لهما امتداد وتاريخ وموروث ثقافي واجتماعي وجغرافي واقتصادي عريق.