الجزيرة - سفر السالم:
أكد مختصون اقتصاديون على أن قطاع السياحة في المملكة هو قطاع واعد وزاخر بالفرص النوعية ذات البعد الاستثماري، لافتين إلى التحولات الكبيرة التي شهدها القطاع خلال الأعوام الأخيرة وما تضمنه من فعاليات ومهرجانات موسمية ونشاطات ترفيهية والتي تعد مؤشرا كبيرا على أن السياحة في المملكة مقبلة على تطور هائل يواكبه زيادة مضطردة في أعداد الزائرين الأجانب، كما أشاروا إلى أن الدولة بذلت جهودا كبيرة على المستويين التنظيمي والمالي في سبيل الرفع من كفاءة القطاع وتعزيز جاذبيته للاستثمار في ضوء رؤية المملكة 2030 الطموحة، وهذا بدوره سينعكس إيجابا على نمو الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل وخلق فرص العمل للمواطنين.
وأكد عميد كلية إدارة الأعمال بالجامعة العربية المفتوحة، الدكتور سليمان الثويني، أن السياحة تؤدي دوراً هاماً في اقتصاديات الدول وتحتل مكانا مرموقا واهتماما عالميا من جانب الحكومات، حيث عالمياً تصدرت فرنسا في العام 2019 أكثر دولة زيادة من قبل السياح بلغوا 76 مليون سائح حققوا للخزينة العامة للدولة مبالغ تقدر بــ10 % من الناتج المحلي الإجمالي. وعربياَ تصدرت السعودية الدول العربية في أعداد الزائرين الأجانب بأكثر من 16 مليون زائر، تلتها الإمارات بنحو 15.8 مليون سائح، ثم المغرب بنحو 11.3 مليون سائح، فمصر بـعدد تسعة ملايين سائح. لذا عملت السعودية على تطوير القطاع السياحي بما يتوافق مع متطلبات رؤية المملكة 2030 فبدأت بتنظيم وإعادة هيكلة القطاع بإنشاء وزارة السياحة إلى جانب الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني لأهمية مشاركة هذا القطاع اقتصادياَ للدولة وتحسين الهيكل الاقتصادي بزيادة الإيرادات السياحية وتوفير العملات الأجنبية من ما ينفقه السائحون خلال إقامتهم على مختلف الخدمات والمنتجات السياحية، أيضاً سيساعد هذا التنظيم على زيادة توليد فرص العمل من خلال الأنشط السياحية التي تتمثل في شركات السياحة والفنادق والشقق المفروشة والمحال السياحية، ولا أن أشير إلى السياحة أحد العوامل المهمة في تحسين الصورة الذهنية عن الدول لأن السائح عند قدومه للدولة يتعرف على جميع الأنشطة الاجتماعية المحلية كالعادات والتقاليد والسلوكيات التي من شأنها تعزيز مفهوم التقارب والتعارف والتفاهم العالمي بين الشعوب.
ويضيف الدكتور الثويني أن السياحة هي عماد الاقتصاد في المستقبل لأنها ترتكز بشكل مباشر على الخدمات السياحية وبحسب الإحصائيات الرسمية لمنظمة التجارة العالمية فإن القطاع السياحي يعد الأسرع نموا في العائدات المالية من القطاعات الأخرى، فقد بلغت نسبة السفر والسياحة حتى عام 2018 ما يقدر بــ3.2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ووفقا لمنظمة السياحة العالمية، فقد وصل عدد السياح الدوليين إلى 1.23 مليار في 2016، بقفزة قوية من 647 مليون مسافر في عام 2000. وبلغت الأرباح في 2016 رقما قياسيا قدره 1.22 تريليون دولار، بزيادة لافتة من 495 مليار دولار في عام 2000.
ويبين الدكتور الثويني أن السعودية لديها تجربة رائدة في السياحة الدينية ومع ذلك تحتاج إلى مزيد من التطوير لابتكار المزيد من الفرص السياحية لتطوير هذا القطاع، كما فعلت في تجربة تطوير الوجهات السياحية في مدينة عكاظ، بحيث ستكون الوجهة الثقافية والسياحية الأولى في المملكة على مدار العام. وسيضيف تطوير مدينة عكاظ نقطة توقف جديدة للحجاج والمعتمرين طوال العام، ما سيؤدي إلى زيادة عدد السيّاح هناك إلى 266 ألف سائح سنويًا، وتوفير 4.4 ألف فرصة عمل، إضافة إلى توفير 1250 غرفة فندقية جديدة، كون المنطقة بحاجة إلى بناء المرافق والفنادق، كما عملت القيادة الرشيدة على تسهيل الإجراءات السياحية مثل الحصول على تأشيرة الدخول عبر الإنترنت والترويج للسياحة الداخلية التي قدرت بــ47 مليون رحلة في العام 2018 ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 8 % بشكل سنوي حتى العام 2025 ، هذه الخطوات والمبادرات بلا شك تبرز توجه حكومة المملكة إلى الاستثمار في القطاع السياحي كأحد الأعمدة الرئيسية لتطبيق رؤية المملكة 2030 والانتقال بشكل عملي إلى تنويع موارد الاقتصاد بعيداً عن النفط. تطوير برامج السياحة السعودية يرتكز على مبادئ أساسية ضمن رؤية المملكة 2030 أهمها الاستدامة الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية وإبراز الطبيعة السامية لقيم المملكة وشعبها الإسلامية والعربية، ووفقاً لمسار نمو السياحة الذي تبنته الاستراتيجية العامة فقد بلغت رحلات القادمين إلى السعودية نحو 16.48 مليون رحلة خلال عام 2019، مقارنة بنحو 15.3 مليون رحلة للعام السابق، أي بزيادة 7.6 في المائة، بما يعادل 1.16 مليون رحلة، وسيطرت الرحلات القادمة من دول الخليج على نحو 37.7 في المائة من إجمالي الرحلات للعام، تلتها الرحلات القادمة من جنوب آسيا، التي شكلت 16.7 في المائة، ثم دول الشرق الأوسط بنحو 14.7 في المائة، كذلك أتت رابعا الرحلات القادمة من دول شرق آسيا والمحيط الهادي بنحو 11.1 في المائة، كذلك 7.7 في المائة من إفريقيا، و 7.3 في المائة من أوروبا، و أخيرا 4.8 في المائة عبر رحلات وافدة من أمريكا.
ويشير الدكتور الثويني إلى أن السعودية تعمل على تنفيذ عديد من المشاريع السياحية العملاقة وفق رؤية السعودية 2030، لتجعل قطاع السياحة رافدا مهما للاقتصاد الوطني، ومن أبرز تلك المشاريع، مشروع القدية غرب العاصمة الرياض، وهو مشروع ترفيهي ملهم للشباب، وكذلك عدد من المشاريع الضخمة على سواحل السعودية، وهي نيوم والبحر الأحمر وكذلك أمالا، إضافة إلى تطوير عديد من المواقع التاريخية، مثل العلا ومدائن صالح، والدرعية التي تمثل رمزا وطنيا في تاريخ السعودية.
من جانبه، قال نواف آل الشيخ الكاتب والباحث الاقتصادي، أننا في هذا اليوم الموافق 23 سبتمبر نحتفل ولله الحمد والمنة بتسعين عامًا مضت على تأسيس وتوحيد هذه البلاد الطاهرة على يد مؤسسها وموحدها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- وندعو الله العلي القدير لمن وحّد هذه البلاد المباركة، عبد العزيز وأبنائه وإخوته، ورجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، سطروا أسماءهم في صفحات التاريخ، وشاركوا في الملاحم البطولية والمعارك الحاسمة التي أسهمت في توحيد شمالها وجنوبها وشرقها وغربها تحت راية واحدة، هي راية الدين (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، ما نعيشه الآن تحت قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله ورعاه- وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله ورعاه- ما هو إلا امتداد سار عليه أسلافهم -رحمهم الله جميعًا- في بناء نهضة هذه البلاد، وحفظ مقدراتها ومقدساتها، وتنمية اقتصادها، وخدمة شعبها وزوارها. ويؤكد آل الشيخ أنه - ولله الحمد- قد تحققت العديد من الإنجازات الرائدة، التي من أهمها رؤية المملكة 2030، وما تضمنته من برامج ورؤى ومبادرات وإصلاحات جذرية، أسهمت دون شك في بناء مملكة حديثة مبنية على أساس متين دون المساس بعقيدتها الإسلامية ومنهجها الوسطي المعتدل.
وفي جانب الاقتصاد الوطني تم إطلاق مشاريع اقتصادية تنموية عدة، تعكس مكانة المملكة وعمقها الاستراتيجي، وجعلها بيئة جذب واستقطاب للسياح من الداخل والخارج. وتمثلت هذه المشاريع في القدية ونيوم والبحر الأحمر وآمالا وتطوير الدرعية والعلا، وبالحديث عن مشروع القدية سيسهم هذا المشروع في تنمية الاقتصاد المحلي، حيث إنه بحسب التقديرات سيضيف المشروع قيمة اقتصادية تقدر بنحو 17 مليار ريال سنويًا للاقتصاد الوطني، مما يعني تنويع لمصادر الدخل خلافًا للبترول، تماشيًا مع رؤية 2030 التي تطمح لتنويع مصادر دخل المملكة والتشجيع على الاستثمار الخاص، كما أنه يستهدف توفير نحو 112.5 مليار ريال من إجمالي المبالغ التي ينفقها المواطنون في كل عام على السياحة الخارجية، وسيسهم أيضًا في استقطاب أكثر من 7 ملايين سائح سعودي من المغادرين سنويًا بقصد السياحة الخارجية، وسيشكل المشروع نقطة جذب للسياح القادمين من الخارج، وارتفاع الطلب مستقبلاً على التأشيرات السياحية.
وفي هذا السياق أيضا، تم اعتماد استراتيجية السياحة الوطنية التي عملت عليها وزارة السياحة، وإطلاق التأشيرة السياحية، وإطلاق برنامج المواسم السعودية حيث يتضمن 11 موسمًا سياحيًا تغطي أغلب مناطق المملكة برئاسة لجنة عليا يترأسها سمو ولي العهد حفظه الله، بالإضافة إلى وزارة الثقافة، ووزارة الرياضة، والهيئة العامة للترفيه والهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات، بالإضافة إلى إنشاء صندوق التنمية السياحي لدعم المشاريع السياحية وجذب الاستثمارات السياحية للمملكة وتحفيز التنمية في هذا القطاع، كما تم إنشاء هيئة السياحة السعودية بهدف تسويق الوجهات والمواقع والمنتجات والباقات السياحية داخليا وخارجيا، والإشراف على الحملات التسويقية والترويجية للوجهات السياحية في المملكة وغيرها من الأعمال والمهام الأخرى.
ويضيف آل الشيخ أن المتأمل لهذه الإنجازات سيذكر نصاً كلمة سيدي خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله- حينما قال: «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك»، فلله الحمد والمنّة، أن منّ على هذه البلاد بقيادة رشيدة جعلت بلادنا في مصاف الدول المتقدمة، وتسعى دائماً لتوفير رغد العيش للمواطنين.، حفظ الله خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وأدام الله علينا نعمة الأمن والأمان.. وكل عام وأنت يا وطني بخير.