صبحي شبانة
تحتفل المملكة العربية السعودية هذا العام باليوم الوطني التسعين لها تحت شعار «همة حتى القمة» في ظل جملة من الإنجازات والتحولات التي شهدتها في الأعوام الأخيرة على مختلف الأصعدة والمستويات أسست لها رؤية المملكة 2030 التي أطلقها ولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان قبل أربع سنوات ليدلف بالمملكة إلى عصر جديد أكثر انفتاحاً وتحرراً من قيود الماضي، وأكثر انسجاماً مع معطيات العصر ومتطلباته في ظل دعم ومباركة والده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
يأتي اليوم الوطني هذا العام وقد حققت المملكة قفزات واسعة لم يكن بوسع أي حالم قبل سنوات أن يتصورها أو يتخيلها، فقطار التحديث والعصرنة يسير بسرعة الصوت، في ظل مجتمع شاب كان ينشد ويتوق إلى هذا التغيير الذي يقوده مهندس عصر النهضة وقائدها وفيلسوفها الأمير الشاب محمد بن سلمان الذي أدرك مبكراً أن ثورة التحديث لا بد وحتماً أن تأتي على أنقاض جملة من مخلفات الماضي، وأن المستقبل يلزمه عقول أكثر تحرراً وانفتاحاً وإلماماً بمعطيات العصر وأدواته، وأن التمسك بالنصوص على حرفيتها عبث، وعيش في الماضي، وإغراق في الجهالة، أدرك وهو الذي تعلم في المدارس الدينية السعودية أن النصوص كائن حي تتطور وفق معطيات كل العصور، وأن التشبث بالمواقف هو تحجر يطيح بصاحبها خارج أسوار العصر والقصر.
في أقل من نصف عقد من الزمان باتت المملكة رقماً في المعادلات الإقليمية والدولية لا يمكن بل يستحيل تجاوزه، بل الوقوف ملياً لاستلهام الدروس من هذه التجربة الفريدة في التاريخ الإنساني، إن من يعيش على أرض المملكة أو يزورها سيستوعب عقله بالكاد (إن كان حصيفاً) ولن يدرك العوام ما يدور على أرض المملكة من إنجازات أسطورية وتحولات عبقرية، كل شيء فيها قد تغير للأفضل، محمد بن سلمان يقود حركة التغيير بثقة وبوعي صوب المستقبل البعيد، في ظل التفاف شعبي لم يحظ به إلا عدد قليل من الزعامات في العالم، لقد نجح ولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان في ظل قيادة الملك سلمان أن يقود مجموعة العشرين بحنكة واقتدار في ظل جائحة كورونا التي ضربت العالم ولم يسلم منها أحد، دولاً وأفراداً، وواجه بصلابة وصلادة كل المؤامرات التي حيكت ضده من مثلث الشر قطر وتركيا وإيران، ولم يستسلم لانخفاض أسعار النفط بل استمر في تنفيذ خطط المملكة التنموية، ورؤية المملكة 2030، وتحديث البنى التحتية التي تضع المملكة بإنصاف في مصاف دول العالم الأول الأكثر تقدماً وتطوراً، كثيرة هي المشروعات العملاقة التي يتم تنفيذها في شتى أنحاء المملكة والتي سجلتها موسوعة جينيس للأرقام القياسية وقالت عنها إن المملكة هي أكبر ورشة في العالم وهي أكبر مكان على سطح الكرة الأرضية تتجمع عليها وتعمل بها رافعات البناء.
تسعون عاماً فقط مرت على توحيد الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله تلك المناطق المتفرقة والقبائل المتنازعة المتصارعة في عمل بطولي أسطوري سجلته صفحات التاريخ في أنصع صفحاتها بعد أن قدم للعالم دولة هي أنموذج في وحدة التكوين، وقوة التأثير، وصناعة المجد، التاريخ يصنعه الأفذاذ، ويسير على نهجهم في بناء الأوطان المخلصون من أبنائها، فيما تحرك الأحقاد دعاة الهدم والغلاة.
كثيرة هي أوجه الشبه التي تمر بها السعودية ومصر حالياً ومنذ عام 2015 حتى الآن فالهموم والتحديات واحدة، فالدولتان تعيدان صناعة تاريخ المنطقة من جديد على أنقاض الخريف العربي، تفاهم وانسجام ووحدة في الرؤى والتفكير تجمع قادة الدولتين اللذين يبذلان الغالي والنفيس ويتعرضان لأقسى أنواع العداوات والأحقاد وحبك المؤامرات من تركيا وقطر وايران والتنظيم الدولي للإخوان وغيرهم ممن تحركهم أحقادهم ضد هذا التحالف العروبي (مصر - السعودية - الإمارات) الناهض بأمته إلى عصر جديد يعيد إلى الأمة أمجادها وعزتها، ينعم فيه المواطن العربي بالرخاء والحرية بعد عقود عاشها تحت قبضة الفكر الإخواني الإرهابي حتى وإن كان لم يكن في الحكم، فالأفكار أحياناً تحكم وتقود أكثر من السلطة، والماضي ليس ببعيد حيث وقع البعض منا ضحايا لمنابر دعاة الجهل والتطرف.
** **
كاتب صحفي واعلامي مصري - مدير مكتب مؤسسة روز اليوسف الصحفية المصرية بالمملكة